عدن وجامعتها تخسر هاماتها الكبار بسبب العدوان| ا.د.عبدالعزيز صالح بن حبتور|16-4-2016 - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

عدن وجامعتها تخسر هاماتها الكبار بسبب العدوان| ا.د.عبدالعزيز صالح بن حبتور|16-4-2016

 بسم الله الرحمن الرحيم

( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ، رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ،وَادْخُلِي جَنَّتِي ) صدق الله العظيم





هكذا وفي لمح البصر أضعنا الصديق الغالي ، وأي فتىً أضعنا ، انه البروفيسور/ مازن أحمد عبدالله شمسان عميد كلية الآداب، والأستاذ الجليل خُلقاً وعلماً في إختصاص علم النفس التربوي، ونائب رئيس الملتقى الوطني لأبناء الجنوب والعضو المؤتمري الوحدوي الصلب، نعم خسرناه جراء خسائرنا كيمنيين من الحرب العدوانية، خسرناه بسبب الحرب الإعلامية القذرة التي مارسها الهابطون أخلاقياً تجاهه، ألم تتذكروا كيف خطط وصنع مرضى النفوس المريضة لحملة دعائية تشهيرية مُغرضة ضده متهمينه بجمع وتكديس الأسلحة المتوسطة والخفيفة في (فيلته الوهمية) بضاحية خور مكسر لدعم وحدات الجيش اليمني ومقاتلي أنصار الله، نشروا سمومهم الدعائية القاتلة ضد مازن أشرف الرجال وانبل منهم جميعاً ، لقد اثرت عليه هذه الدعاية وكدنا نصدق انها دعاية عابرة فحسب يحيكها الحاقدون المرضى ويرددها العوام من البسطاء دون تدقيق ، لكن بعد ان مُنع من ممارسة مهامه كعميد للكلية عُرف السبب والمستقبل كفيل بأظهار المخفي من المشهد.

رحل صديقنا العزيز مازن العدني المتفائل والمبتسم دوماً ، الأنيق هنداماً وسلوكاً، وتعاملاً ، نعم خسرناه جسداً فحسب، نعم خسره طلابه ومحبيه وأهله وعدن واليمن كلها، لكننا نعلم علم اليقين بأن روحه النقية الطاهرة إرتقت الى بارئها في السماوات العلا خالدة مُخلدة باذن الله في فردوسه الأعلى ، خَلف لنا دروساً قيمة في النبل في العلاقات العامة والخاصة والتفاني والإخلاص في عمله لكي يترك بصمة جميلة في جبين عدن الساحرة، ترك لنا أمثلة حية في تحديد المواقف الصُلبة من قضايا الوطن العزيز ومنها قضية الوحدة اليمنية، التي شوهها المشوهون ذهنياً وسلوكياً وتربوياً.

كان مازن شمسان يملأ الأفق والفضاء اللامتناهي لطلابه تواضعاً وادباً وخُلقاً وعلماً يُنْتفَع به، وكان مصدر حافز وإلهام للمئات من طلابه ، وصفات حميدة من هذا المستوى تجعله قريباً الى قلوب طلابه وزملائه وكانت بمثابة عربون صداقته الخالدة معهم ، هذا ما كنا وما زلنا نفتقده في العديد من الزملاء والزميلات الذين تزدحم بهم اروقة الكليات للأسف ، ولذلك أجزم ان ظاهرة مميزة اسمها مازن ابو أحمد ستظل منقوشة في جداريات وعي طلابنا المنتشرين في ربوع الوطن وسيبقى لحناً جميلاً يردده الأجيال 0

شُهَدَاء الحروب ليس الأشخاص الذين نخسرهم في جبهات القتال فحسب ، لا بطبيعة الحال ، بل الشهداء هم من يتضررون بشكلٍ مباشر وغير مباشر جراء هذه الحرب العبثية ، تخيلوا معي المشهد المفجع الذي تعرض له شعبنا اليمني جراء العدوان وجراء الحصار الشامل على بلادنا من قبل حلف الدول المعتدية على اليمن، حصار على الأدوية، والمازوت، والكيروسين، والغاز ، وحتى الغذاء، من يتخيل ان يحدث ذلك الفعل القبيح ( الحرب والحصار معاً ) من قبل دول شقيقة وصديقة لليمن، بحجج واهية تسقط مباشرة لمجرد سقوط اول ضحية جراء العدوان ، فكيف هو الحال بسقوط عشرات الآلاف من الشهداء ، وكم سنسجل اعداد الضحايا الذين سقطوا جراء إيقاف أدوية الإنسولين ، والسمفاتين ، وادوية ضغط الدم، والقلب ، والكُلى ، والاطفال الذين لم يكتمل نموهم الطبيعي ، حصاد الخسائر لليمنيين في عام من عدوان آل سعود كان كبيراً الى درجة يصعب تخيله، في جانبيه الإنساني والمادي 0

عدن تم إحتلالها من قبل الأعراب من آل سعود والإماراتيين ومعهم الجنجاويد من السودان وعصابات بلاك وواتر الأمريكية وبقوة السلاح والمال المدنس الذي أغرى ضعاف النفوس من المرتزقة والمنتفعين ، وكان المواطن العدني البسيط يأمل من اشقائه العربان بانهم سيحولون مدينته عدن الى واحة غناء تنعم بالأمن والامان وتتوافر بها خدمات الكهرباء والماء والبلدية وغيرها ، وفجأة يكتشف ان حُلمه تبدد وضاع ، وضاعت معه الآمال والأحلام وربما المستقبل اذا بقي عليه الحال من الإرتهان للاجنبي المحتل.

وصديقي مازن شمسان رحمة الله عليه كان يتابع بألم وحسرة مايشاهده في مدينته الوادعة عدن، وهي تتوزع بين قطعان الذئاب والعصابات واللصوص والارهابيين، وتحت يافطات متشابهة الحروف والكلمات ولكنها عديمة الفائدة والمعنى، لذلك لم يتحمل قلبه المُرهف الحساس هذا المشهد الحزين الذي شوه وجه عدن، وكلياتها المثقلة أخلاقياً برايات وأعلام البلدان الغازية والمحتلة لمدينته ، وودع الحياة راضياً بما قسمه الله له وللجميع ، واثقاً ومطمئناً بأن ليل ظلم الإحتلال قصير وسيتوارى اعوان المحتلين الجدد كما توارى أعوان الاستعمار البريطاني يوم إعلان الاستقلال الوطني في 30نوفمبر1967م ، وما أشبه الليلة بالبارحة.

أكرر التعزية لوالدنا العزيز التربوي الجليل / أحمد عبدالله شمسان وابنه أحمد مازن وزوجة الفقيد وجميع شقيقاته وأشقائه ، ومحبيه من الطلاب والزملاء بفقدانهم فقيدنا الراحل مازن ، ربنا يتولاه برحمته ويسكنه فسيح جناته في الفردوس الأعلى مع الشهداء والأنبياء والصالحين

وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ


الميثاق نت

ليست هناك تعليقات