دعوة الى محافظ شبوة: بناء العقول يسبق بناء المباني والحقول|د. عمار صالح حبتور - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

دعوة الى محافظ شبوة: بناء العقول يسبق بناء المباني والحقول|د. عمار صالح حبتور



امـا بـعد .. في الحقيقة لا أحـد ينكــر إلا جاحــد مـا قـد أنجــزته إدارتكم مـن عمــل تنمــوي وخــــدمي في فتـــرة وجيــزة، فلقــد عـملتم لمحافظتكم مـــالم يـعمله الاوائل من سـابقيكم المحـافظين منذ فجر الثورة الى الآن.
نعم .. رممـتم الجســـور
نعم .. اصلحتم الطـرقات
نعم ..اعدتم تاهيل المباني
نعم .. حفرتم الآبـــار
نعم .. أنرتم الشوارع
ولكن، هل نظـرتم الى إعادة بنــاء وتاهيــل العـــقــول، اصــلاح وترمــيم الــوعي،
تنــظيف الافــكار الســلبية المعشعشة في عقــول بعض البشر، بالرغم وجــود بعـض المحـاولات والبرامج هنـا وهنـاك، الا انها غيـر كافيــة والامـر يستدعي إلتفــاته اكثر اهمية من إدارتــكم.
هـي الثـورة .. و التنـمية .. والتطـوير ..هـي البنية الاساســية التي نــهضت عليها وقـامت الامم وســمت وأرتــقـت.
أيتصور لكم ولنا وجود هـذه بدون تلك. إن لم يتمكن الفرد ويقـدر على ادارة مــــوارده بالشـكل الصــحيح، فلن يتم إستثمــار بقية المــوارد الإستثمــار الأمثــل، فالمورد البشري هو الأهم على الإطلاق في مختلف مراحل التنمية والنهضة. فلمــجرد إنــفلات امـــني بسيــط ستـجـد المـواطــن المنتفع من التنمية - كما قد حـدث سـابقا - هو مـن يخـلع عمــود الإضـاءة وباب المدرسة ليصنع منهما سـقيفة لحضـيرة أغنـامه. كما انه لمجرد وعـكة امنـية مـا، ستـجد المـواطـن المستفيد من التنمية هو بنفسه الذي يحـمل ذخـيرته وينـسـف هذا الأنـبوب او يقطـع تلك الطــريق لإنتـزاع حقــوقه المـدعــاة.
ان التاريخ العالمي شهد قصص وعِبر عظيمة، فالصينيون القدمـاء مثلاً بنـوا سـور الصـين العظـيم ليعيشوا في مأمن من جــيوش الاعـداء القادمـين من الشمال، وكانوا يعتقدون ان لا احــد يستطيع تسـلقه ولا اخـتراقه، وفي المئة سنة الاولى التي تلت بـناء السـور فقد تم غـزو الصـين ثـلاث مـرات، وفي كل مـرة لم يكن العدو في حـاجة لتسلق او اخـتراق السـور، فقد كانــوا يرشــون الحــراس ويمــرون عبر الابـواب، فقد أهتـم الصينيون ببناء الحـجر ونسوا ان يبنوا البـشـر، وهو درس هــام في اهمـية بناء الانسـان قبل بناء الجـدران والاحـجـار. كما اظهـر العصـر الحـديث شـواهـد حاضـرة لـدول كيف كانت؟ وكيف أصبحت؟ عندما أستثـمرت عقـول أبـناؤها مثل اليـابان وكـوريا وسنـغافـورة ومـاليـزيا وغيرها.
على هـذا الأســاس، فـــأن المجتـمع بحــاجة مــاسـة الى تنـمية مستـدامة تبـدأ بالانســان، من خــلال تفعـيل دور مبــــادر للمؤسســات الإعـلامية القائمة ومنظـمات المجتـمع المدني والمؤسسـات التعليـمية والتدريبـية على تعــزيز التنمية البشرية ونشــر الـوعي المجتـمعي، من خلال دعـم بنـاء وتنـمية القـدرات البشـرية، وكذلك خلق برامـج وحمـلات توعـوية وتأهـيلية وتدريبـية تعــزز من قيـمة الانسـان في البنـاء والتـغـيير نحو التنمية المستـدامـة، وانشاء بيئة فــكرية ناضـجة على مختلف المستـــويات قــادرة على صنــاعـة النهضــة والحضـارة تقـوم على خدمـة الصـالح العــام والمحافظة عليه، فهــذا يستدعي التركيز على بناء وترميم العقول قبل بناء وترميم الطرقات والمباني والجسور.
والأمثــلة كبيـرة، على سبيل المثال، إنشاء برامـج توعــوية لمحـاربة الثـأر و حـل النـزاعات القبـلية، إعـادة تأهـيل شبابنا، إقـــــامة دورات تأهـيلية لبناء القــدرات والمهـارات تستـهدف كل الفئات العــمرية، والمجتمــعية، والاهم من هذا وذاك الشروع في تأسيس جامعة شبوة.
هـنا تكـمن التنـمية المستدامة، لـو أردتـــم ان يبـقى خـالـدا مستداما ما بذلتمـوه من جـهـد. فلاتنمية بدون تنمية بشرية، فبنـاء البشـر أولى من بنـاء تلك الطـريق وذلك الجسـر، وإصلاح وبنـاء العقــول يسبق بنــاء المبـاني والحقــول.

ليست هناك تعليقات