وجوه سبتمبرية ( اللواء/ عبدالله جزيلان ) - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

وجوه سبتمبرية ( اللواء/ عبدالله جزيلان )

 

وجوه سبتمبرية اللواء عبدالله جزيلان



عند التخطيط للثورة تشكلت 4 خلايا ..الأولى بصنعاء يقودها جزيلان والثانية بتعز يقودها مطهر والثالثة بالحديدة يقودها الجائفي والرابعة بعدن يقودها عيسى!!

– الدكتور المقالح:

عشت أواخر الستينيات معه في القاهرة وتابع الصراعات بمرارة فقنع بالعزلة مترفعاٍ عن المهاترات

علي عبدالمغني كان قائد الثورة وجزيلان مسئول التحركات الميدانية في ليلتها

 سلم خطة قيام الثورة لصبرة وأوصاه بتنفيذها إذا اعتقلوه أو قتلوه فودعه بالدموع


عقب عودته من القاهرة نجح في كسب ثقة البدر فعينه في الكلية الحربية ونجح مع الجايفي والسلال والضبي والعمري وعبدالرحيم في التحرك بحذر


بين أيدينا..

فارس من زمن النبلاء وآخر الأنقياء.. تقاسم مع علي عبدالمغني طلقة الثورة الأولى وقبسة الصباح الأغر وما تقاسم غنيمة!!

حين غادر اليمن كان كمن يسلم أبناء هذا الشعب المقبور وطناٍ كما أرادوه وحلماٍ عز عليهم قروناٍ ليغادر مكللاٍ بالغار.

وحين أحس أن ثمة لاهثين وراء مطامع وأثمان.. انزوى بعيداٍ.. بعيداٍ.. عز عليه أن يرى وطن الثوار يتنازعه رفاق الدم والدرب شمالاٍ وجنوباٍ فآثر الصمت في زمن الغوغاء ليعتزل السياسة مبكراٍ في قاهرة ناصر.

ربما شعر أنه أدى رسالته ومضى.. ومن يحمل رسالة لا يطلب ثمناٍ سمعنا عنه صغاراٍ ونسيناه كباراٍ كان اسمه المتلازم مع علي عبدالمغني يملأ كل ذرة من تراب هذا الوطن وحين بدأ التكالب على المكاسب والسلطة حرمناه حتى الحياة في وطن وهبه كل حياته.. بل حرمناه حتى الموت هنا.. فمات غريباٍ خارج اليمن!!

فيما يلي صفحات متواضعة عن جزيلان.. البطل الذي طِهرِ نفسه من أدران الصراع وورطة السلطة:

إعداد/ مطهر هزبر


نصف قرن مضى من عمر ثورة 26سبتمبر ولاتزال هناك العديد من الحقائق التي يجهلها كثير من الناس عن هذه الثورة بشخوصها وأحداثها وماعرفته الاجيال عن الثورة فيه الكثير من الغموض وأحيانا التلفيق نتيجة غياب التوثيق الدقيق والأمين لمجريات وأحداث الثورة الأمر الذي أدى الى تهميش وتغييب عدد من المناضلين والأحرار الذين شاركوا في صناعة هذا الحدث العظيم .

والى جانب غياب التوثيق الدقيق برزت معضلة أخرى تمثلت في محاولات البعض الاستئثار بآرائهم وتضخيم أدوارهم وتهميش أدوار الآخرين .

في المقابل هناك العديد من الثوار والمناضلين الذين كانوا من أبرز قيادة الصف الاول في قيادة الثورة وكانت لهم إسهامات كبيرة في نجاحها والوصول بها الى بر الأمان لكنهم آثروا الاعتزال السياسي بعد سنوات من قيام الثورة حينما أحسوا أن هناك من يلهثون وراء المطامع الشخصية والخلافات الحزبية والمناطقية وان مصلحة الوطن اخر مايعنيهم .

اللواء / عبد الله جزيلان هو أحد أبرز قيادات ثورة 26سبتمبر المجيده والذين كان يشار إليهم بالبنان لأدوارهم النضالية في سبيل الوطن وفي سبيل انتصار الثورة اليمنية التي بذل الشعب اليمني تضحيات عظيمة لتحقيقها بحسب الكثير من الوثائق والمذكرات والإصدارات التي تناولت قصة الثورة اليمنية والتي سنشير إليها في حديثنا عن شخصية ودور المناضل اللواء / عبد الله جزيلان وأمثاله من الثوار والمناضلين الشرفاء الذين لم يلاقوا مايستحقونه نظير أدوارهم النضالية سوى الجحود والنكران في حياتهم وبيان النعي بعد وفاتهم .


(مواقف مشرفة )

كانت مصر في الخمسينيات من القرن الماضي هي قلعة العروبة وقلبها النابض بالقومية والتحرر من الاستعمار ومخلفاته من الانظمة الرجعية وأذناب الاستعمار في تلك الفترة كانت طلائع الثوار من الطلبة والدارسين في مختلف الجامعات والمعاهد والكليات العسكرية قريبة من هذا الاجواء وتتأثر بشكل كبير بما حولها خصوصا وأن اليمن كانت ترزح تحت حكم سلالي إمامي ورجعي كل معالمه الفقر والجهل والتخلف وعن هذه الفترة أشار سامي شرف سكرتير الرئيس عبد الناصر الشخصي للمعلومات في كتابه ( عبد الناصر وثورة اليمن ) الى مواقف عدد من الثوار اليمنيين وتحركاتهم في القاهرة للقيام بالثورة على حكم الإمامة والتنسيق مع القيادة المصرية لإنجاح الثورة في اليمن حيث قال : أوفد الإمام شقيقه الأمير عبد الله للاجتماع بالطلبة وكانت خطته هي إقناع الطلبة بالتحول إلى بعثات في بلاد أوروبية أخرى لإبعادهم عن مناخ الثورة الذى كان يسيطر على مصر في تلك الفترة. وجاء الأمير عبد الله إلى مصر في أواخر سنة 1953م وكانت مهمته هي توزيع الطلبة على دول أوروبية مثل إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا واجتمع مع الطلبة في حلوان وبدأ يعرض خطته مستخدماٍ أسلوب التهديد والهجوم المباشر لتخويفهم حتى يتمكن من تنفيذ هدفه ولكنه فوجئ بعبد الله جزيلان يطلب إليه إضافة العلوم العسكرية لبرنامج البعثات الذى تخطط له الحكومة والذي يقتصر على العلوم النظرية والطبية كما أشار إلى وجود طلبة آخرين يتطلعون للالتحاق بالطيران ورغم وقوع مواجهات بسبب ذلك خلال الاجتماع إلا أن جزيلان استطاع أن يقنع الأمير عبد الله بفكرته في لقاء خاص معه وكان من نتيجة ذلك أن التحق جزيلان بالكلية الحربية وعبد الرحيم عبد الله بالكلية الجوية في مصر وكان أول طيار يمنى يستكمل دراسته الأولية في الطيران في ابريل سنة 1954م ثم أوفده الإمام ومعه اثنين آخرين لمواصلة دراسة الطيران في إيطاليا وقد سافر عبدالرحيم عبدالله إلى إيطاليا في يوليو 1954م لكن قبل أن يسافر كان قد تعرف على المقدم أحمد الثلايا وتبادل معه الأفكار الوطنية وصارح كل منهما الآخر بآماله للشعب اليمنى وكان ينضم إليهما في هذه اللقاءات المناضل اليمنى محسن العيني.


( التنسيق مع البعثة المصرية )

ويضيف سامي شرف : في أواخر 1955م كانت المجموعة التي التحقت بالكلية الحربية في مصر بما فيها عبد الله جزيلان قد أتمت دراستها وعادوا إلى اليمن. وبدأ الجميع في تنسيق خطواتهم وتحركاتهم مع أفراد البعثة العسكرية المصرية بقيادة العقيد أحمد كمال أبو الفتوح الذى كان على اتصال وثيق كما أوضحت مع العقيد أحمد الثلايا وبعض معاونيه من الضباط الذين قاموا بحركة 1955م ثم من بعد ذلك مع بعض الضباط الذين قادوا حركة مماثلة في مارس 1961م والتي لم يكن حظها بأحسن من حظ انتفاضة الثلايا.

نجح جزيلان بعد وصوله إلى اليمن على رأس مجموعة من الضباط الشبان في اكتساب ثقة الإمام وولي العهد الأمير البدر واجتاز كل الاختبارات التي وضعه فيها الإمام ومن ثم امتلك قدراٍ من حرية الحركة النسبية مع بعض القيادات العسكرية الذين سبقوه وكان من بينهم العقيد حمود الجائفى والعقيد عبد الله السلال والعقيد عبدالله الضبي وكان الأول قد تخرج من الكلية الحربية بالعراق في عام 1946م.


( تنظيم صفوف الثوار)

ويواصل سامي شرف حديثة عن مراحل التخطيط للثورة حيث يقول : نشط الضباط اليمنيون الأحرار فى تنظيم صفوفهم وتشكلت لهذا الغرض أربع خلايا رئيسية º كانت الأولى فى صنعاء ويقودها عبد الله جزيلان الذي كان مديرا للكلية الحربية والثانية فى تعز ويقودها عبدالغني مطهر والثالثة فى الحديدة ويرأسها الزعيم حمود الجائفى أما الرابعة فكانت فى عدن ويقودها الملازم محمد قائد سيف.

ونشط الضباط في توزيع المنشورات التي تفضح حكم الإمام وتوضح جرائمه وتهيئ النفوس للثورة كما انتظم الاتصال بين التنظيم وبين القاهرة وكان يمثل مصر في هذا الاتصال أنور السادات الذى كلفه الرئيس جمال عبد الناصر بالإشراف على هذه العملية بعد أن تم تعيين فتحي الديب سفيرا لمصر في سويسرا لمتابعة المفاوضات التي كانت تجرى في ذلك الوقت بين الجزائريين والفرنسيين وقد وصلت إلى مرحلة حاسمة تقتضي المتابعة اليومية والمستمرة من هناك.

عاد عبدالرحيم عبدالله من إيطاليا في أواخر عام 1957م بعد إتمام دراسته بإيطاليا والتقى مرة أخرى مع جزيلان وجددا تعاهدهما على تحرير الشعب اليمنى من حكم الإمامة وفى دار الضيافة بصنعاء التقى مع أعضاء البعثة العسكرية المصرية التي كانت تضم في ذلك الوقت العقيد حسن فكرى والمقدم أحمد أبو زيد والنقيب صلاح المحرزى والنقيب محمود عبدالسلام والملازم عادل السيد ودار معهم حديث ومناقشات وحوارات مطولة تبين منها وحدة الفكر والهدف وأبدى أحمد أبو زيد بصفة خاصة قدرة متعمقة على فهم الظروف اليمنية وكان يحرص على إذكاء روح الثورة في الضباط اليمنيين مع التزام أقصى درجات الحذر وكان على صلة وثيقة أيضاٍ بكل من عبد الله جزيلان وحمود الجائفي وكان يردد دائماٍ أنه يعتبر نفسه يمنياٍ وقد ساعده ذلك على توسيع علاقاته وكسب ثقة الكثيرين من أفراد الشعب ومن الضباط القدامى والجدد مثل عبدالله السلال والضبي والعمري الجائفي وغيرهم


التمهيد للثورة

يوضح اللواء المناضل / عبدالله جزيلان في الفصل الخامس من كتابه : (التاريخ السري للثورة اليمنية ) عملية التمهيد للثورة قائلا : إن مسرح الاحداث كان يعد تماماٍ لتقوم الثورة وان الشعب الظامئ للحرية تغلي مراجله والقوات المسلحة وفي طليعتها الضباط الشباب متطلعة لتنفيذ إرادة الشعب في تغيير نظام الحكم الممعن في الرجعية والتخلف ومستعدة لتقوم بدورها الطبيعي ويضيف قائلاٍ:

جاء الى منزلي بصنعاء الاخ محمد عبدالواحد- المسؤول الوحيد في السفارة المصرية بصنعاء في ذلك الوقت وقال إني أحمل إليك تحيات الرئيس جمال عبدالناصر ورئيس مجلس الأمة أنور السادات ويطلبان منك تقريراٍ عن الموقف في اليمن ويسألان ماهي طلباتك قدمت اليه تقريراٍ للموقف مكتوباٍ شرحت فيه حالة الجيش اليمني واستعداد الشعب كله للثورة وقلت بالحرف الواحد إن القبائل كلها معنا اليوم ولكني لا أضمن استمرار تضامنهم معنا ويقول إن طلباته قد أوجزها بدعمه بلواء واحد فقط من القوات المصرية يرابط في صنعاء بجانب قيادة الثورة بهدف يعكس مدى واحدية الثورة التحررية في الوطن العربي وبالتالي للحد من التدخل الخارجي للقوى التي كانت تتربص بالثورة حتى لا تتكرر أحداث 48م 55م ويقول المؤلف إنه كانت لدينا أسلحة حديثة ومتطورة ولم يكن لدى القبائل إلا أسلحة قديمة كما طلب من مصر مرتب ثلاثة أشهر للقوات المسلحة اليمنية وللموظفين المدنيين وأن يقوم جهاز الاعلام المصري بدوره الاعلامي تجاه الثورة وكذا الاعتراف بها فور قيامها والعمل على كسب الدول الصديقة الى جانب الثورة والاعتراف بها وجاء الرد من القاهرة بالموافقة على جميع الطلبات وقد كتب في رد القاهره عبارة (وأنت الذي تعلق الجرس في عنق القط).

حيث كان قد وضع اللواء جزيلان في نهاية تقريره المرفوع للقيادة المصرية سؤالاٍ قال فيه من الذي يعلق الجرس في عنق القط وكان الرد المشار اليه انه هو وهذه ربما توحي بأنه هو من سيبلغ القيادة المصرية بتحديد ساعة الصفر للقيام بالثورة.


خطة تفجير الثورة

ويقول اللواء جزيلان:

وضعت خطتنا للتحرك تمهيداٍ لقيام الثورة واعلان الجمهورية على النحو التالي:

– محاصرة وقصف قصر البشائر واقتحامه بعد ذلك وهو مقر البدر.

– السيطرة على الاذاعة وإعلان الجمهورية ومبادئ الثورة.

– القبض على قادة الجيش.

– محاصرة قصر السلاح ومحاولة الاستيلاء عليه كانت هذه هي الخطة التي وضعتها وسنرى مع تطور الاحداث كيف نفذت رغم وعورة الطريق الذي كنت أسير فيه فقد كنت مؤمناٍ بالشعب وبحقه في الحياه الكريمة واثقاٍ من هؤلاء الشباب المصممين على النصر أو الموت فداء للوطن وحريته.

وبدأ البدر يشك في ولاء من حوله فسحب رموز الشفرة من العقيد عبدالله الضبي وسلمها للسيد أحمد شرف الدين.. كما حلقت طائرة صغيرة «ايركمندر» في سماء صنعاء كانت تقل عبدالملك العمري المعتمد الخاص عند الامام أحمد في جميع شؤونه وتوجه فور وصوله لمقابلة البدر ليحذره من خطورة الموقف وتردي الاوضاع وأن هناك محاولة انقلاب تدبر في صنعاء ويتزعمها مدير الكلية الحربية ومدرسة الاسلحة عبدالله جزيلان.

– ويواصل اللواء جزيلان حديثه :

اتصل بي السيد محمد عبدالواحد تليفونياٍ وقال: إن الملازم علي عبد المغني أخبرني بما سبق أن أخبرك به بأن هناك محاولة انقلاب تديرها امريكا وبريطانيا في تعز ويتزعمها الحسن بن علي والحسن بن ابراهيم وعبدالرحمن عبدالصمد أبو طالب وغيرهم فاذا لم تتحركوا بسرعة فسيقبض عليكم.

فقلت: سأفكر في الموضوع بعد عودتي من مقابلة البدر فقد دعاني الآن وذهبت لمقابلته ومعي مسدسي الذي وضعته في جيبي محشواٍ لا ينقصه إلا الضغط على الزناد واستقبلني الملازم صالح العروسي وكانت سيماء الغضب والألم ترتسم على وجهه وأوضح في سياق حديثه انه قابل البدر وأخبره بوصول عبدالملك العمري المرسل من أمير المؤمنين بتعز على حد وصفه والذي أخبره بالمؤامرة التي تدبر في صنعاء ويتزعمها جزيلان وبعد أن أخبره بما يدور في تعز من مؤامرة تدبرها بريطانيا وامريكا ضدهم اقتنع البدر بولائه وخرج من عنده وهو يبتسم له ابتسامة الرضا.


تسليم خطة الثورة

ويوضح اللواء جزيلان قائلا:

اتصلت بالسيد محمد عبدالواحد تليفونياٍ من منزلي واخبرته بماجرى في مقابلة البدر وقلت لقد استطعت أن أكسب ثقة البدر ولكن الشك يراودني فقد يريد أن يتخلص مني بطريقة ما دون أن يعرف أحد وبعد أن يتوصل الى الحقيقة فقال: عليك بالحذر والله معك.. ثم اتصلت تليفونياٍ بالقاضي عبدالسلام صبرة ودعوته لزيارتي في المنزل فلما جاء الى منزلي ذكرت له ما دار في لقائي مع البدر فأبدى سروره لإقناع البدر بما يجري ضده في تعز.

وقلت له: ولكني مع كل ذلك لا أصدقه فالبدر كالثعلب لا يؤمن غدره وهو في نظري أخطر من أبيه الى أن وصل في القول:

لذلك فإني أعطيك الخطة التي أعددتها لقيام الثورة فاذا قتلوني أو القوا بي في السجن فعليكم تنفيذ الخطة فمصير الوطن لايجب أن يرتبط بمصير فرد مهما كان شأنه وحسبي أني أديت واجبي بإخلاص ودمعت عينا القاضي عبدالسلام صبرة تأثراٍ من هذا الموقف.

ساعة الصفر

أجمع الأحرار على الاتفاق على ساعة الصفر مساء الخميس 25سبتمبر1962م وتجمعوا في الكلية الحربية التي انطلقوا منها بقيادة عبدالله جزيلان وعلي عبدالمغني وغيرهم من الضباط الاحرار وفي هذا الموضوع تحدث المناضل اللواء/ محمد عبدالخالق في حوار أجرته معه صحيفة 26سبتمبر منذ أعوام عن ذكريات ليلة قيام الثوره وفيه أوضح دور المناضل اللواء /عبد الله جزيلان في التخطيط والتنفيذ لقيام الثورة حيث قال : ليلة قيام ثورة الـ26 من سبتمبر1962م كنا متواجدين في الكلية الحربية والذي حدث انه تم تبليغ البعض ممن كان يوثق بهم وهذه أقولها للتاريخ ومجموعة لم يبلغوا حفاظا على السرية من ضمنهم مجموعة من أبناء المشايخ الضباط في تلك الليلة قرأ علي عبد المغني توزيع المهام ونحن مجموعين في الكلية الحربية وعبدالله جزيلان كان قائد المتحركين كانت مهمتي ضمن مجموعة المدفعية بقيادة محمد مطهر زيد للتمركز في خزيمة لضرب دار البشاير(قصر الإمام) من الاتجاه الجنوبي وكان معنا حسين المسوري واحمد الفقيه والطيار محمد الديلميوتوزعت مجموعات أخرى على المدرعات وأخرى على الدبابات الخ..وبعد أن تم تحديد ساعة الصفر تم التحرك الساعة الحادية عشرة وأذكر يومها كان عبدالله جزيلان برتبة المقدم كأعلى رتبة على دفعته قائداٍ للكلية الحربية وقائداٍ لمدرسة الأسلحةوخرجت القوات وكلاٍ توجه لتنفيذ مهمته المحددة.

ويواصل اللواء / محمد عبد الخالق حديثه عن أبرز القيادات المشاركة في ليلة قيام الثورة قائلا: قيادة الثورة هي قيادة جماعية وكان هناك أقدميةالمشير السلال كان له دور ريادي ووضعه كقائد حرس للبدر كان وضعاٍ محرجاٍ إنما تستطيع أن تقول إنه الشخصية المقبولة والأقرب إلى الجميع وكان بمثابة المرجع والأكثر تعاوناٍ مع الثوار لكن قائد الثورة كقائد مجموعة الشباب هو علي عبد المغنيأما عبد الله جزيلان فهو الذي كان ليلتها يعطي الأوامر بالتحرك وهذه أقولها بأمانة أنه كان المسئول عن التحركات ولن انسي وقوفه عند بوابة الكلية الحربية ليشرف بنفسه على القطع المتحركة لتنفيذ المهام.


(الابتعاد والعزلة )

كل من عرف المناضل اللواء عبد الله جزيلان عن قرب يشهد بدماثة أخلاقه ورقي أفكاره وحيوية ذهنه ونفسه الثورية المتوثبة كما أنه كان من أشد الناس رفضا لاستغلال موقعه لنيل المكاسب الشخصية.

وفي هذا الصدد يقول الدكتور / عبد العزيز المقالح في مقال كتبه في عمود يوميات صحيفة الثورة تحت عنوان ( في اربعينية المناضل اللواء / عبد الله جزيلان ) : البعض كان يأخذ على اللواء عبدالله جزيلان اعتزاله العمل السياسي منذ وقت مبكر ولم يدرك هذا البعض أن التجربة التي خاضها في سنوات ما قبل الثورة وبعد قيامها كانت كافية لتقنع من هو في مثل حساسيته وترفعه عن المهاترات والمنافسات في بلد لم يستقر على حال ولم تستوعب سوى قلة من أبنائه الولاء للوطن ممن لم تتغير مواقعهم ولم ينتقلوا من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ومن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لأمور شخصية ودفاعاٍ عن مصالح ذاتية.

لقد عرف نفسه وأدرك أنه غير قادر على الدخول في المعمعة تلك التي لا يحقق الدخول فيها أي مكسب للثورة أو للوطن والتاريخ فآثر الابتعاد والعزلة. ويكاد يكون الحال نفسه مع عدد من زملائه الذين حاولوا التكيف مع الأوضاع ثم وجدوا أنفسهم في حالة من العزلة المريحة.


تغليب مصلحة الوطن

ويضيف الدكتور المقالح في وصفه لشخصية المرحوم المناضل اللواء/ عبد الله جزيلان قائلا :

لقد عشت معه سنوات طويلة في القاهرة وشهدت عن قرب متابعته لأوضاع الوطن في أواخر الستينيات وإلى أواخر السبعينيات وكيف كان يحترق من الداخل وينظر بحزن إلى الصراعات التي كانت تدور بين شمال الوطن وجنوبه وبين الرفاق في الشمال والرفاق في الجنوب وكانت نتائج متابعته غير مشجعة ولا مبررة للعودة والانضمام بالضرورة إلى هذا الطرف أو ذاك وكان يرى أنه يستحيل بناء اليمن الحديث وفرض الاستقرار فيه إلا إذا تنازلت الأطراف المتصارعة لبعضها البعض أو بالأصح للوطن الذي يستحق ذلك.

والملاحظ أن صراع الأطراف ما يزال قائماٍ حتى اليوم رغم كل ما جرى من تجارب ومن مواقف تاريخية كانت حاسمة وكفيلة بأن تجعل الجميع يتناسون كل الخلافات والجراحات ويحتكمون إلى العقل وحده فقد كان عليهم أن يبدأوا مرحلة البناء والتصحيح لأخطاء الماضي بدلاٍ من إرباك الوطن ومحاربة طواحين الهواء وإطالة زمن ترويع الشعب والاختلاف على السراب.



ليست هناك تعليقات