تاريخ اليمن القديم
كتاب : تاريخ اليمن القديم
تأليف : زيد بن علي عنان
ولمعرفة تاريخ اليمن القديم لابد للقارئ أن يلغي من ذهنه الحدود السياسية المعاصرة لشبه الجزيرة العربية ويتصورها وحدة جغرافية مترابطة، فلم تعرف شبه الجزيرة العربية لا عرب الجنوب ولا عرب الشمال ولا عرفت شمال الجزيرة ولا جنوبها ، ولم تورد النقوش ذكراً لقحطانية ولا لعدنانية ، بل كانت كل شبه الجزيرة مسرحاً لأحداث تاريخية متنوعة فقامت الممالك والحضارات واتسعت بذاتها أو نفوذها داخل شبه الجزيرة طالما توفرت لها القوة والنفوذ داخل شبه جزيرة العرب. أما التقسيم الشائع في الكتابات الحديثة لشبه الجزيرة العربية بين شمال وجنوب فينحدر من العصر الإسلامي، ومع ذلك وبسبب الانسجام القائم على التنوع الحيوي في منطقة جنوب شبه الجزيرة وبسبب تواصل حلقات تاريخها السياسي والحضاري فقد جعلت المصادر كل جنوب شبه الجزيرة قسماً واحداً بينما فصلت شمال الجزيرة إلى عدة أقسام ومع ذلك فلم تكن حدود الشمال والجنوب حتى في العصر الإسلامي محددة بدقة إلا أن المؤرخ والجغرافي اليمني أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني صاحب (صفة جزيرة العرب) (توفي بعد سنة 360 هـ )قد جعل حدود جنوب شبه الجزيرة تبدأ من الكعبة بمكة جنوباً، وهو تقسيم ينحدر من العصر الإسلامي كما نرى .
أما الإغريق قديماً فقد نظروا إلى ما سموه العربية السعيدة وهى صفة شاعت عن بلاد اليمن، ورأوا أنها تبدأ بعد عشرة كيلومترات من العقبة جنوباً ، وما نود عرضه هنا هو رسم إطار زمني لعصر ما يصطلح عليه بالتاريخ اليمني القديم أو فترة تاريخ الحضارة الراقية في اليمن القديم، وهي تمثل حيناً من الدهر برز فيها سكان بلاد اليمن من غسق التاريخ إلى ضحاه، ودلت على دورهم التاريخي لُقَىً أثرية مميزة وشواهد كتابية معلومة، ضمت حروفاً أبجدية خاصة: صوتاً ورسماً ، وتومئ إلى حضارتهم قرائن خارجية ثابتة تدل على أن أمماً أخرى في ذلك الزمان تناقلت طرفاً من أخبارهم وتبادلت شيئا من سبل معاشهم .
ويمكن تقسيم الإطار الزمني لتاريخ اليمن القديم إلى عصرين رئيسين، ويستند هذا التقسيم إلى معطيات تاريخية وجغرافية ليس هنا محل تفصيلها، ومع ذلك فإن العصرين يتداخلان ومن الصعب رسم حد فاصل بينها، فقد تزامنت فترات من العصرين، كما لم يكن الانتقال من الأول إلى الثاني انقطاعاً، وإنما امتداداً واستمراراً، والعصور التاريخية ليست مسارات زمنية مختلفة ، وإنما هي في حقيقة الأمر مظاهر مختلفة لمسار زمني واحد .
لتحميل الكتاب PDF من ( مكتبة دار بن حبتور ) من هنـــــا
أضف تعليق