الحل الأخلاقى ..... أفلاطون - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

الحل الأخلاقى ..... أفلاطون

 

الحل الأخلاقى ..... أفلاطون 


يوجد فى هذا العالم ثلاثة أشياء جديرة بالإهتمام و هى العدالة و الجمال و الحقيقة، و قد يكون من الصعب تعريف أى واحد منها، لقد تساءل حاكم رومانى فى فلسطين بعد أربعمئة سنة من أفلاطون عن الحقيقة؟ و لم يجب الفلاسفة كما أنهم لم يخبرونا ما هو الجمال. 

و لكن أفلاطون خاطر و وضع تعريفا للعدالة فهو يقول إن العدالة هى امتلاك و فعل ما فى يد الفرد. فالرجل العادل هو الرجل في المكان المناسب، و هو يفعل ما فى مقدوره و يقدم المقابل الدقيق لما جناه. ينطبق ذلك على كل من المستوى الفردى والمستوى العالمى. 

و هو ببساطة يعنى بهذا التعريف أن كل إنسان يجب أن يتلقى ما يساوى إنتاجه و أن يؤدى العمل الذى يتناسب مع طبيعته و مقدرته. فالإنسان العادل هو الإنسان الذى وضع فى مكانه الحق. باذلا جهده و مقدما تماما ما يساوى ما يتلقاه. و بذلك فإن المجتمع الذى يتألف من الرجال العدول سيكون مجتمعا عظيم الإنسجام و الفعالية. حيث يكون كل عنصر موضوعا فى مكانه، قائما بإنجاز أعماله المناسبة له. 

و كما يقول فيثاغورث إن مجتمعا منظما بمثل هذا النظام يكون صالحا للبقاء و عندما يخرج الناس من أماكنهم الطبيعية و عندما يفسد التنسيق بين الإجزاء تفسد المفاصل و يفسد المجتمع و ينحل فالعدالة فى الفرد تنسيق و ترتيب فعال. كما تعمل العناصر المنسجمة فى جسم الإنسان فكل عنصر فى مكانه يؤدى دوره المرتب فى السلوك. 

إن العدالة نظام و جمال أجزاء الروح و هى للروح كالصحة للجسم إن جميع الشرور ناجمة عن عدم الإنسجام بين الإنسان و الطبيعة أو بين الإنسان و الناس، أو بين الإنسان و نفسه. 

و هكذا يجيب أفلاطون على السفسطائيين و على جميع أتباع نيتشه بقوله إن العدالة ليست مجرد القوة و لكنها إنسجام القوة و الرغبات، و العدالة ليست حق للأقوى و لكنها الإنسجام الفعال للكل. حقا إن الفرد الذى يخرج من مكانه الذى أعدته له طبيعته و مواهبه قد يجنى بعض الفوائد و لكن الإنتقام الإلهى يتبعه و يلاحقه كما ذكر اناكساجوراس أن آلهات الإنتقام عند اليونانيين تتبع كل كوكب يبتعد عن مداره، إن عصا الطبيعة المخيفة تعيد الآلة الموسيقية الجموحة إلى مكانها و إلى مقام نغمتها.

لقد حاول اليوزباشى الكورسيكى (نابليون) أن يحكم أوروبا بطغيان يتناسب مع دولة ملكية مطلقة قديمة أكثر من تناسبه مع دولة ولدت فى يوم و ليلة لينتهى فى سجن على صخرة فى البحر تشهد بأنه عبد لطبيعة الأشياء و أن الظلم لا يدوم. 


ليست هناك تعليقات