مطالعة متأنية بمرثية بن حبتور في الفقيد/عبدالله بن علي طرموم يرحمه الله - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

مطالعة متأنية بمرثية بن حبتور في الفقيد/عبدالله بن علي طرموم يرحمه الله


*مطالعة متأنية بمرثية بن حبتور في الفقيد/عبدالله بن علي طرموم، يرحمه الله.*



*لعلها المرة الأولى التي يلج فيها الكاتب صلب مرثيته بدون توطئة مطولة، فبنبرة رصينة مليئة بالحزن ينقل فيها نبأ وفاة الطود الشجاع والمناضل الجسور اللواء/عبدالله علي طرموم "يرحمه الله"، وما صاحب وداعه من حزن عم شبوة الباسلة وفطر قلوب ابنائها، مسترسلا بالتنويه لتاريخ الوفاة ومكانه (قاهرة المعز) التي وصلها للعلاج وكان قضاء الله ملاقيه فيها.*


*ولا تفسير لذلك الولوج بحسب اعتقادي سوى مكانة الفقيد في قلبه المكلوم وشدة حزنه على الفقيد الذي احبه كل من عرفه، فكيف الأمر بمن صاحبه لأربعة عقود ونيف من السنين، لاسيما والفقيد كان يرحمه الله نوع من الناس القادرين على ترك بصماتهم وأثرهم الطيب في نفوس من يلتقوهم حتى من الوهلة الأولى، فلا تثريب على صديقي حين ذهب ذلك المذهب لمواراة ٱساه جوف قلبه، حيث نراه وقد واصل سرده بالشرح والتوصيف لمسيرة الراحل الكريم العطرة والموشاة بنياشين و أوسمة إرث مجد نضالي وكفاح فدائي انخرط فيهما في سنوات شبابه الأولى بإندفاع وجسارة لا يصاحبها نكوص او تردد، في مقارعة المستعمر البريطاني بعيد التحاقه في صفوف الجبهة القومية كفدائي بفرع الجبهة (بجيش الليوي) او ما كان يسمى (بفرع الضباط الأحرار) حينها حيث كانت الجبهة قد نقلت الكفاح المسلح من الريف الى قلب مستعمرة عدن، في بداية العام 1965م بعد مايقارب العام والنصف من انطلاق ثورة 14 أكتوبر 1963م، لإسماع صوت لعلعة الرصاص و دوي إنفجارات القنابل والقذائف للعالم اجمع، من جراء تعتيم مطبق على انطلاقتها من قبل المستعمر الذي اجاد حصارها في الريف الجنوبي، كما لم يكن انخراط الفقيد فردي بل كان في معيته كوكبة من رفاق السلاح من ابناء العوالق في مقدمهم المناضل اللواء/صالح لزنم العولقي+الحبيب الحامدالعولقي+المناضل/محسن لصور الدياني وغيرهم من الرعيل الفدائي الأول الأبطال.*


*في إصرار على مواصلة سرد واقعي لمسيرة ماجدة احتوتها حياة الفقيد، لنجده يضيء بسرده على البدايات الأولى حين التحق كجندي (بجيش الليوي) جيش ولاية عدن ومحمياتها الغربية، والذي معظم قادته هم من ابناء مشايخ العوالق اقوى القبائل اليمنية عدة وعتاد، اوضح الكاتب زمن التحاقه بالجندية في 1955/11/21م، وكانت عملية التوسيع في عديد ذلك الجيش تتسق مع الرؤية البريطانية لحماية اكبر قاعدة عسكرية في الشرق الاوسط، والتي سوف تتموضع في (مستعمرة عدن) بعد نقلها من اراضي جمهورية مصر الثائرة التي اعلن قائد ثورتها البكباشي/جمال عبدالناصر محاربة الاستعمار والرجعية في كل قطر عربي.*


*حيث وفرت تلك الظروف فرص عمل لكسب لقمة العيش الكريم لٱلاف الشباب في المستعمرة ومحمياتها الغربية من ناحية، ومن ناحية اخرى التوافر على خزان بشري منظم ومتدرب على حمل واستخدام السلاح، استفادت منه الجبهة القومية+جبهة التحرير جنوب اليمن المحتل، بعد انطلاق الثورة المسلحة وخلال سنواتها المتوهجة نار ونور الأربع (1967  - 1963)، وبعد الاستقلال الوطني اي في نهاية العام 1969م ارسل فقيدنا البطل/عبدالله الطرموم في دورة عسكرية الى (جمهورية كوريا الشمالية) تم ترقيته بعدها لرتبة ضابط في قوام وزارة الداخلية، وتم تعيينه مدير أمن عدد من مديريات شبوة مواصلا عمله وترقيه في المجال الى ان بلغ منصب مدير الامن العام بالمحافظة حتى العام 1978م*


*حيث حدد موقعه السياسي في زمن الإصطفافات الحزبية والمناطقية، كان انحيازه الى جانب التيار الذي بداء يتعقلن والذي قاده الرئيس الشهيد/سالمين، والذي تٱمر عليه رفاق الأمس تحت قيادة الرفيق/عبدالفتاح اسماعيل، الأمين العام للتنظيم السياسي الموحد الجبهة القومبة وفي 1978/6/26م، والذي حسم الصراع لمصلحة تياره فعملوا محاكمة حزبية عاجلة تم بموجبة اتخاذ قرار الاعدام للرفيق سالمين واربعة من كبار القيادات السياسية والعسكرية وهم: -*

*الرئيس سالمين + جاعم صالح + علي سالم لعور + محنف + أمزربة، حيث تم اعدامهم خارج نطاق سلطة القانون والقضاء الذي كان يسيطر عليه (فتاح وتياره)، اما بقية تيار سالمين وهم كذلك قيادات سياسية وعسكرية وازنة كذلك يقف في مقدمتهم:*

*علي صالح عباد( مقبل) + حسن باعوم + عبدالله البار + عبدالرحيم عتيق + الاخوين ناصر وسالم جعسوس وغيرهم من القيادات التي تواجدت في العاصمة عدن حينها تم سجنهم.*


*وهنا يشير الكاتب الى أن من اسعفهم الحظ وكانوا خارج (العاصمة عدن)، التي شهدت معارك 25/26 يونيو 1978م، وهم من الصف الثاني القيادي فقد نزحوا الى صنعاء عن طريق م/مأرب الحدودية وكان على رأسهم فقيدنا الراحل الكبير، ومكثوا فيها ثلاثة اعوام، وفي العام 1981م اعلن الرئيس/علي ناصر محمد العفو العام عن كافة القوى الوطنية النازحة نتيجة الصراعات السياسية، بهدف استعادة اللحمة الوطنية والاستفادة من قدراتهم كقيادات وموارد بشرية مؤهلة، فعاد اغلبيتهم وبمقدمتهم بن طرموم يرحمه الله، ثم نرى دولة رئيس وزراء حكومة الانقاذ بصنعاء وقد ألتف مستديرا للتوصيف والحديث عن مناقبية فقيدنا الطود بأريحية مستغلا شدة انتباه القارئ مع (مستر سين) السرد عن سالمين ورفاقه، ليثبت حقائق لربما غابت عن البعض لسبب أو أخر، مفردا حيز معتبر من ثيته للإضاءة عن جوانب الخير الانسانية وحجم المودة والوفاء والطيبة الفطرية التي كان يتعامل بها الفقيد مع كل من ارتبط به بعلاقة من اي نوع كانت او عمل تحت قيادته  او تزامل معه، موضحا كم كان نشميا وصاحب فزعة مع اي شخص جائه طالبا عون او نجدة، وكأن الكاتب هنا تحديدا يستدعينا جميعا ليقدم شهادة حق لا زيف أو مبالغة فيها محددا (قوله الفصل) بحق الله مردفا هكذا عرفنا العم عبدالله بن علي طرموم منذ أكثر من اربعين ونيف من الأعوام، وحتى لا اكرر تفاصيل ما كتب احيلك ايها القارئ الكريم لنص المرثية.*


*وفي الفقرة التالية لسرد مناقبية الفقيد يرحمه الله، نجد الكاتب يأخذنا لمتابعة تطبيق عملي يؤكد صدقية تلك المناقبية، حين استدعته الاصطفافات الجديدة والتي كانت قاسمة ليس لجهازي الحزب والدولة، لا بل وكامل المجتمع الجنوبي عموديا وأفقيا بين جناح (فتاح+عنتر) وجناح (علي ناصر)، حيث اصطف مع جناح علي ناصر، لأن الجناح الثاني هم ذاتهم من كانوا خصومه يوم انقلبوا واعدموا الرئيس الشهيد سالمين في احداث 1978/6/26م، ولسؤ حظه كان مع الجناح المهزوم مرة اخرى، وبحكم تواجده وسط المعمعة في شوارع مديريات العاصمة في كر و كر ولم يفر وقع في ٱسر قوات الطغمة، وكذلك انا (كاتب المطالعة هذة) حيث كنا رفاق عمل ورفاق سلاح واصطفاف، لكن الله لطف بي حين قيض لي الفقيد البطل اللواء/فضل الرباب قائد لواء الشرطة العسكرية يرحمه الله، والذي كنا معا رفاق سلاح في لبنان حيث اطلق سراحي بضمانته وانني معه ولست من الزمرة، اما راحلنا الكبير فقد تم أسره بحسب ما أورده بن حبتور في المرثية التي لابد من العودة اليها لمتابعة تفاصيل ماجرى لبن طرموم يرحمه الله هو وبقية الكادر القيادي في الأجهزة الثلاثة (الحزبي+العسكري+الدولة) من بلاوي، في سجن المنصورة المركزي وغيره من الرسمية وغير الرسمية بسبب العدد المهول من المعتقلين، اما الذين تم اعدامهم مباشرة في الايام الأولى خارج سلطة القانون والقضاء رغم انه كان بأيدي الطغمة، لكنهم اعتمدوا الإدانة من خلال بطاقة الهوية فقط، أما اورده البروف/بن حبتور انهم كانوا بالٱلاف تواضعا بل كان اكثر من ذلك يقينا، ثم نراه (الكاتب) يسرد حقيقة ماجرى من فبركات وتلفيقات وزيف إدعاء في محاكمات صورية مؤكدة يشهد بذلك محامون تم تنصيبهم للدفاع عن كبار المتهمين الذين تم اعتقالهم لشرعنة اعدامهم حيث ذكر بالاسم ويبدو لم يسعفه الوقت لتحديد الصفة والمنصب، اما فقيدنا المناضل فقد كان نصيبه خمس سنوات سنة ونصف اعتقال وتحقيق+ثلاث سنوات ونصف نفاذ.*


*وبعد قضى المحكومية عاد الى قريته خورة مديرية مرخة العوالق العليا، وهي قرية حدودية مع م/مأرب حيث رحل منها الى صنعاء مرة اخرى ملتحقا برفاقه في (ألوية الزمرة)، حتى مابعد قيام (الوحدة اليمنية المجيدة)، وكأن الفقيد الطود معصوم من الموت بعناية رب العزة والجلال، حيث ويوضح الكاتب نهض قافزا ممتشق سلاحه للدفاع عن وحدة الوطن ضمن ألوية الجيش الجنوبي النازح الى صنعاء والذي كان يرابط في السوادية مع بقية الكتائب الأمنية بمعية الألوية الشمالية، حيث تحقق النصر النهائي على القوات الانفصالية بتاريخ 1994/7/7م، و يشهد بن حبتور انه بعد ذلك تم تكليفه بتأسيس وترأس فرع المؤتمر الشعبي العام في محافظة شبوة، حيث  انهمك في تنفيذ  هذة المهمة البالغة التعقيد والصعوبة بكل جوارحه ونجح فعلا بتأسيس 17 مديرية تنظيمية الى جانب رئاسة فرع المحافظة، وبعد تثبيت العمل التنظيمي واستقرار العمل السياسي بالمحافظة، تم انتقاله الى صنعاء بسبب تكليفه كبير مستشاري وزير الداخلية، وقد ظل في موقعه هذا الى يوم مغادرته لدنيانا الفانية هذة، محافظا علي عزة نفس ووفاء وصدق انتماء لوطن احبه ولشعب يفاخر انه احد ابنائه البواسل.*


*رحم الله فقيد المناضل البطل اللواء/عبدالله بن علي طرموم، وغسلته ملائكة الرحمن بالماء والثلج والبرد، ونقته من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس… واسكنه ربي الفردوس الأعلى من الجنه…*


*ذلك هو مبلغ إحاطتنا من المرثية، نسأل الله التوفيق والرشاد فهو مولاه والقادر عليه.*


*محمد الجوهري.*

  *جامعة عدن.*

ليست هناك تعليقات