قليل مما يجب في حق دولة الرئيس بن حبتور بقلم/ حسين حازب
قليل مما يجب في حق دولة الرئيس بن حبتور
حسين علي عبدربه حازب
05 أكتوبر , 2023م
لم أعرف البروفيسور المناضل عبدالعزيز صالح بن حبتور في ٢٠١٦م، عندما شكل حكومة الانقاذ الوطني، ولكني عرفته وعملت معه وهو نائب لوزير التربية والتعليم، كان قريباً منا ومتواضعاً ومستمعاً ومسؤولا يضع الأمور في نصابها ومساقها الصحيح يفرق بين العمل وضروراته والصداقة والزمالة والعلاقات، كنت وزملائي نرى بأنه في مكان أقل من مكانه.
تعلمنا منه الكثير أنا وزملائي مدراء عموم التربية في الجمهورية وقيادة الوزارة، وعندما غادر الوزارة إلى عدن الجامعة، وعدن المحافظة، وعدن السياسة والحراك، ظل حاضرا في أذهاننا ونهتم بأخباره كمحافظ لعدن ورئيسا للجامعة، ونعرف أن الرجل ممن عايش الأحداث كلها قبل وبعد الوحدة المباركة في 22مايو 1990..
كانت الصورة هكذا عن الدكتور عبدالعزيز فهو – وبالإضافة إلى ما تقدم أعلاه – من القيادات المدنية المحسوبين على الزمرة، كأحد قيادات الاشتراكي في قطاع التعليم والأكاديميين، وهي صورة نظيفة وعادية لرجل مدني اعتقدت -مخطئاً -أنه لم يعد له ارتباط بالمجتمع القبلي، كقبلي من أسرة عريقة من العوالق القبيلة المشهورة الكبيرة في شبوة.
ولم أكن أعرف عنه أكثر مما كتبت آنفاً، وللأمانة أن صورته الطيبة التي رسمتها في ذهني عنه، بدأت في التشوه والغموض والاهتزاز عندما شعرت أن له موقفاً مخالفاً ما أدري من من، هل من صنعاء، هل من المؤتمر الشعبي العام، هل من الشمال؟ أو من ماذا ؟ لا أدري.
لكن عندما ظهر اسمه وحضوره ضمن تشكيل المؤتمريين، خانتي الذاكرة أن اذكره – أرادوا به تشكيل قوة سياسية بالخروج عن اللوائح أو توجيهات القيادة، وفهمت من ظهوره ذاك بأن له موقفاً من صنعاء، من الوحدة، من النظام، لا أدري ما الذي حصل لذاكرتي ونحن في حراك سياسي داخل المؤتمر وخارجه، وكان اسمه يحضر دائما، وبدأت أقول، هذا سيذهب في الاتجاه الآخر، واعتقدت أن لديه برنامجاً، هذا سيذهب حيث ذهب عدد من الإخوة ممن كنا نعتقدهم قمماً وهامات كبيرة من أعضاء البرلمان واللجنة العامة والقيادات الأمنية والعسكرية والاجتماعية والأكاديمية ..
بخصوص بن حبتور اعتقدت هذا إلى حد أني فكرت اكتب عنه كلاماً أعاتبه فيه وربما اكثر من العتاب، لكني تذكرت أنه كان مسؤولاً عني، وزميلاً -وان لا ضرورة لذلك- فنحن في لحظة فيها إرباك واختلال في التقويم والتقييم وخروج عن المألوف في التصرفات خاصة الصادرة عن النخب والسياسيين والمثقفين .!!
استمريت في الاعتقاد أن الرجل، سيصبح في إحدى دول الخليج فله علاقات مع الأكاديميين ومسؤولي تلك الدول خاصة في مكتب التربية العربي الذي تم اعتماد اليمن عضو فيه -بجهوده مع وزير التربية ورئيس الحكومة في صنعاء آنذاك، إن لم تخني الذاكرة، وله ايضا اقارب وزملاء من أبناء المحافظات الجنوبية، ممكن يرتب معهم اموره، مثل من كشفت الايام عنهم من زملائنا وزملائه أنهم كانوا يشتغلون على خطوط كثيرة آنذاك.!؟
حتى سمعت أنه في صنعاء بداية العدوان على اليمن في مارس 2015م وكنت للأمانة غير متوقع أن أرى بن حبتور في صنعاء وفي تلك اللحظة، الذي كان الخروج منها، ومن اليمن هو الظاهرة، التي تشهدها منافذ الخروج الجوية والبرية، علاوة على النزوح الداخلي.
كان ظهوره في صنعاء المفاجأة التي ما كنت أتوقعها لاسيما وأنا كنت اسمع داخل المؤتمر وفي بعض الاماكن كلاماً ليس في صالح بن حبتور، وكان يقوم اثناء قيادته لمحافظة عدن كشخص فيه نوع من العصيان على من يحبون مسح الجوخ وصباح الخير ومساء الخير، وكان ظهوره وخروجه شبه نازح أو متخف إلى صنعاء مفاجأة، وكان القدر يسير الرجل ليتسلم زمام قيادة حكومة الانقاذ الوطني التي اتفق وتوافق عليها الاخوة أنصار الله بقيادة الحبيب عبدالملك بن بدر الدين الحوثي والرئيس الشهيد صالح الصماد والمؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر حينها، وحلفاء وشركاء الطرفين، ثم توافقهم على تكليف البروفيسور، عبدالعزيز بن حبتور ليشكل ويقود الحكومة بعد اتفاقهم على تشكيل المجلس السياسي الاعلى لقيادة الدولة والوطن في يوليو 2016، واليمن آنذاك يتعرض لأسوأ عدوان على اليمن من قبل تحالف دولي تقوده السعودية والإمارات وأمريكا وعدد من الدول وبقية العالم بين مؤيد وداعم إعلامي وسياسي أو صامت صمت يشكل أضعف العدوان.
عندما سمعنا بتكليف الرجل، تواصلنا معه وباركنا له ودعينا له بالعون والسداد وقابلناه في القصر الجمهوري على انفراد وتحدثنا معه -ولم أكن أعلم انني سأكون عضواً في حكومته- وسمعت منه ونحن في ذاك الحال كلاماً رفع من معنوياتي وهو يتكلم عن العدوان، ويقول أنا بحاجة العون يا أخ حسين، وهذه اللحظة هي لحظة الثبات ولحظة ظهور وفرز المعادن النفيسة، من المعادن الخسيسة.
-وما بين تكليف الرجل بتشكيل الحكومة وإعلانها حوالي ثلاثة اشهر سببت له وللجميع صداعاً وأسئلة وشكوكاً، وتكهنات وإحراجات للرجل والزيارات، والترشيحات المباشرة وغير المباشرة، بالوساطات والاتصالات، والكتابات التي اغلبها كانت تشكل ضغطاً نفسياً كبيراً على بن حبتور، إلى حد اني ممن فكر بأن بن حبتور سيعتذر عن تشكيل الحكومة ولكنه صبر وتحمل، وبعد تشكيل الحكومة وتقديم برنامجها لمجلس النواب ومن اول اجتماع أداره دولة الرئيس عبدالعزيز بن حبتور لحكومة الانقاذ الوطني، كانت الصلة المباشرة بيني وبين الرجل كأحد وزراء هذه الحكومة، ومن خلال إدارته للجلسات وكيف تحكم فيها وحكمها بالعقل والمنطق، والحكمة وبالحزم ان لزم الامر، وبسعة الصدر احيانا وحتى بالمزاح احيانا، والصبر نعم الصبر الذي كان يفوق الوصف .
ومما ظهر من قدرات وصفات للرجل بدأت أعيد النظر كل يوم في تلك الصورة التي قد كنت رسمتها عن بن حبتور، ومن موقف إلى موقف، ومن عام إلى عام، ومن مناسبة إلى مناسبة، ومن اجتماع إلى اجتماع، ظهر لي وللجميع من هو عبدالعزيز بن حبتور ظهر لنا انه المناضل العنيد والسياسي والاكاديمي المخضرم والخبير الدولي حامل درجة الاستاذية عن علم والاقتصادي المسؤول -كرئيس حكومة -والاقتصادي الخبير والباحث والكاتب وأحد علماء الادارة في اليمن الذين لا يتجاوزون عدد الأصابع، ورجل الدولة، والزاهد والمتصوف، فيما دون السمو والعلو والحضور والوطنية والثبات والثقة والتوثيق الوحدوي الذي لا ينتمي لما هو اصغر من اليمن ..
** أقول هذا القليل من القول في حق الرجل لأنه حمل رأسه على كفه وقَبِلَ برئاسة حكومة الانقاذ في الجمهورية اليمنية تحت وقع الصواريخ وأزيز الطيران المعادي وهي تقصف احياء العاصمة وجميع محافظات الجمهورية مستهدفة البنى التحتية والمؤسسات والمنازل والناس من قبل تسلمه الحكومة وحتى أول هدنة، وقبل بقيادة حكومة لا تملك شيئاً من الموارد، ولا اعترافاً دولياً بها فالبلد محاصرة عسكريا وسياسياً وعلاقات واقتصاديا وإعلاميا وتم نقل البنك المركزي بعد توليه الحكومة بثلاثة أشهر تقريبا والموارد النفطية والغازية اصبحت تنهب من قبل التحالف وعملائهم، ورغم ذلك قاد حكومة لا يوجد لديها أي إيرادات إلا ما يعادل 7% من موازنة 2014،
وكان – ولازال – هو وحكومته في الواجهة والمواجهة بجانب قيادة الثورة والدولة ضد العدوان للحفاظ على استمرارية مؤسسات الدولة، وصد العدوان والتقليل من آثاره وتبعاته وتعزيز الصمود في الجبهة الداخلية كأولويات لابن حبتور وحكومته .
وليس هذا فحسب، بل أن قبوله بتشكيل الحكومة يعني أنه وحكومته في دائرة الاستهداف الشخصي للقتل على المستوى الفردي والجماعي بشكل واضح وجلي ورغم ذلك صمد وتحدى ذلك الاستهداف، وكان يتعرض للنقد من بعضنا عندما يدعونا لاجتماع الحكومة وما في ذلك من مخاطرة كبيرة، سيما بعد استهداف العدوان للأعيان المدنية والمدنيين بقصف الصالات والمنازل ومقرات المؤسسات واخيرا استهداف رجل الدولة الاول الشهيد الرئيس صالح علي الصماد في أبريل ٢٠١٨، فقد كنا نشعر بالخوف ونعمل في مقراتنا بحذر، وبين حين وآخر، يدعونا بن حبتور إلى الاجتماع، واذا انتقدناه مزحا أو جد بالقول لا تجمع البيض في سلة واحدة لعملاء الاحداثيات بأبو رامي، يضحك ويقول، لن نستسلم للخوف سنتخذ الإجراءات اللازمة والباقي على الله، وعجلة الدولة والحكومة لازم تستمر في الدوران ..
وكان كل أسبوعين إلى شهر في أقصى مدة انقطعنا يدعونا لاجتماع الحكومة هنا وهناك في اماكن مختلفة نحرص ويحرص رجال الامن ان لا نعرفها، كنا نأتي أو يتم إحضارنا إليها بطريقة أمنية مرتبة إلى أن يكتمل جمعنا، وبن حبتور، كان يأتي أولنا ويغادر آخرنا.
وبدون مجاملة ولا محاباة فأنا لم أشعر يوما أن د. عبدالعزيز خائف أو وجل أو مرتعش، إلى كتابة هذه السطور والرجل صامد وصابر وبشكل لم اتوقعه ولم يكن ثباته ومواجهته بحضوره الاجتماعات وادارته لأعمال الحكومة فلم يكتف بذلك، بل سجل بالصوت والصورة والكلمة والخطاب والمقابلة الصحفية المرئية والمقروءة والمقالات معركة سياسية واعلامية لا تقل عن المواجهة بالصواريخ والمسيرات في سابقة لم يسبقه إليها مسؤول مدني أكاديمي، بحجم بن حبتور ( كرئيس حكومة) أو أدنى منه أو مساوية في مواجهة العدوان والحصار وأولئك العملاء الذين وضعوا ايديهم في ايدي الغزاة والمحتلين.
خطب وكتب وأجاب بلغة فيها من القوة والثبات والإدانة وقوة الحجة وعدم المداهنة أو الدبلوماسية الناعمة، ما يجعلني اقول إن التاريخ سوف يسجل لبن حبتور شخصيا واولاده واحفاده وقبيلته ومحافظته سجلاً ناصعاً سيخلده التاريخ كرئيس لحكومة الحرب والمواجهة والانقاذ، بجانب قائد الثورة الحبيب عبدالملك الحوثي والمجلس السياسي ورئيسه الشهيد صالح الصماد، ثم الرئيس الحالي مهدي المشاط، وكل أعضاء المجلس أطال الله أعمارهم جميعا.
وها هو بن حبتور يغادر معززا مكرما وافيا مكللاً بوسام الوحدة من الدرجة الأولى، وبتقديرنا جميعا من قائد الثورة حفظه الله إلى رئيس الدولة إلى أصغر واحد، مغادرا إلى جبهة جديدة، او جبهته الأولى- في البناء والمواجهة والادارة والمشاركة في المرحلة القادمة التي دعا إليها أبو جبريل في المولد النبوي الشريف، بعد أن أبلى بلاء حسنا بقيادته لحكومة الحرب والانقاذ في لحظة لا يقف ويصمد فيها إلا العظماء.
ومن المروة أن نقول فيه القليل مما يستحق كإنسان وقائد ورئيس لحكومة الانقاذ وأكاديمي وباحث وأخ عزيز وزميل حمل عن جدارة لقب دولة الرئيس البروفيسور المناضل عبدالعزيز صالح بن حبتور، العولقي اليماني الأصيل.
والمعذرة منك اخي أبو رامي عن اي قصور مني نحوك كوزير أو أخ وصديق، فحلمك أكبر من تقصيرنا والسلام.
حسين علي عبدربه حازب
*وزير التعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال
أضف تعليق