محاضرة عن الإعلام وحرية التعبير/02 يناير 2019م - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

محاضرة عن الإعلام وحرية التعبير/02 يناير 2019م

 

 

المحاضرة الثقافية أمام طلاب معهد يس YES للتدريب الإعلامي بصنعاء 

المكان: القاعة الصغرى في المركز الثقافي صــنــعــاء

 

شكراً للإعلامي اللَّامع/ محمد الشومي، على تنظيم هذه الفعالية والمحاضرة أمامكم في هذه الصباحية المباركة.

شكراً للدكتور/ عبدالعزيز محسن الترب - مستشار رئيس الجمهورية، وشكراً للأخ/ عبدالعزيز البكير وزير الدولة على مشاركتهما لنا في هذا اللقاء مع شباب المستقبل الطامح لاعتلاء منصة الإعلام الحر في اليمن للفترة القادمة بإذن الله.

    

 

عنوان المحاضرة: (الإعلام وحرية التعبير)

 

شكل هذا الموضوع الإعلام وحرية الرأي والتعبير أهمية محورية في تاريخ العالم القديم والحديث معاً ، وظهر ذلك جلياً في نظريات الفلاسفة الإغريق القدامى أي ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام ، اَي في التاريخ الموغل في القدم عن ظاهرة تلازم الإعلام وحرية الرأي وليس ادل على قولنا هي في تلك القوانين والدساتير والوثائق التي رسمها الأولون وورثتها الأجيال والبشرية قروناً بعد قرونٍ من الزمان وهي :

 

 محتوى نظريات الفلاسفة الإغريق وأبرزهم (أرسطو و أبيقور) حول حرية العقل والمعرفة وظهر لاحقاً (فيدستور) أثينا القديمة قبل الميلاد، وظهرت كذلك في وثيقة شريعة (حمورابي) في العراق العظيم ق ٠م في حضارة ما بين النهرين، وتبلورت بوضوح اكبر في وثيقة حقوق (سايرس) الفارسية أيضاً في الحضارات ما قبل التاريخ أي ق.م.

ودلت القراءات للنقوش اليمنية القديمة في وثيقة مسّلة قتبان وأوسان و اليزنيين في اليمن، التي تقع اليوم في محافظة شبوه، أَي منذ ما قبل الميلاد ، ق٠ م

وحينما اشتد الصراع على السلطة في إنجلترا بين الملك والكنيسة والفرسان ممثلي الحركة الإقطاعية الناهضة في أوروبا وبالذات في غربها، تم إعداد وثيقة مكتوبة من الفرسان والزموا الملك بالتوقيع عليها وسُميت وثيقة (ماجنا كارتا) الإنجليزية عام 1215م، ( كنت أمازح السيد / مارتن قريفيث /مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسلام في اليمن في احدى لقاءاتي الرسمية معه حدثته مازحاً نحن لا نريد أن يُفرض علينا كيمنيين وثيقة للسلام تشبه الـ ماجنا كارتا، ونحضر فقط للتوقيع، فضحك عالياً، وقال أجدادي من ويلز وكانوا مشاركين بقوة في تلك الأحداث، ويقول أن لديه وثائق تاريخية تؤكد ذلك)، بعد ذلك صدرت وثيقة حقوق للإنسان الإنجليزي الذي ثبت قضية حرية الرأي وصيانته عبر البرلمان، وصدرت عام 1689م، وبالعودة إلى أهم بنود هذه الوثيقة ، وأخذها كخلفية هامة لأية دراسة في القانون والإعلام وحرية الرأي والتعبير ، وهي وثيقة صادرة عن  من البرلمان الإنجليزي  الذي حدد صلاحيات الملك (جيمس الثّاني) تم إبراز أربعة مكونات وعناصر أساسية وهي :

 

(1) إنَّ حق الملك في التاج الملكي مستمد من إرادة الشعب (البرلمان) وليس مستمداً من الحق السماوي.

(2) لا يحق للملك إلغاء أي نصٍ في الوثيقة إلاّ بموافقة البرلمان.

(3) لا تفرض أية ضريبة ولا تأسيس جيش إلاّ بقرار من البرلمان.

(4) حرية الرأي والتعبير يعتبر حق مصان ومقدس ويمنع المساس بها.

 

وبعدها صدر العديد من تلك الوثائق في أميركا وفرنسا وبقية دول العالم .

 

من هذه الخلفية التاريخية لقضايا الإعلام والتنوير الذي طوره عدد من الفلاسفة الأوروبيين وبالذات الفرنسيين كانت بمثابة الأرضيّة أو نسميها المرجعية الفكرية بلغة اليوم لهؤلاء الفلاسفة الذين اشعلوا فكر الثورة والتنوير في أوروبا وأبرزهم (الفيلسوف/ جان جاك روسو، فولتير، و مونتسيكو، وجون لوك)، هؤلاء هم مفكرو ومنظرو الثورة وعصر التنوير الأوروبية و الفرنسية، وكانت بداية لما يسمى بعصر التنوير  والحرية الثقافية في منتصف القرن السابع عشر ، تذكروا هذه الأسماء أنهم كانوا أساس الثورة الفرنسية ومنظروها، وهم قامات فكرية فلسفية كبيرة.

 

لكن للمقارنة فحسب تذكروا منظرو ما يسموه بثورات (الربيع العربي) في العام 2011م  مَن هم هؤلاء منظرو، هذه الثورة التي دمرت الأمة العربية من محيطها الأطلسي  إلى خليجها العربي، هل تتذكروا من هم هؤلاء الفلاسفة ؟

إنهم وللتذكير فحسب :

الفيلسوف الفرنسي اليهودي الصهيوني/ برنارد هنري ليفي، وهو مفكر فرنسي من أصول يهودية، علاوة على أنه صهيوني يروج للفكر المعادي للشعوب العربية، وكان في أثناء قمة التمرد الفوضوي والذي أسموه (ثورة)، كان يتنقل بين ساحات الاعتصام في ليبيا ومصر وشمال سوريا والكيان الصهيوني، هل تتذكرون هذه الأحداث من القنوات الإعلاميةٍ لشبكة الجزيرة وغيرها. 

والشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي أفتى بأن من قطعوا شوارع صنعاء وتقاطع الجامعة بأنهم قدموا براءة اختراع، وكان يشيد بعميلة التمرد وفوضى الشوارع في كلٍِ من عدن وتعز و إب وغيرها من المدن اليمنية!!!.

والشيخ/ يوسف القرضاوي (القطري المصري) الذي أفتى بجواز العمليات الانتحارية للجماعات الإرهابية بشرط أن يأخذ رأي الجماعة، و حينما سُئل الشيخ كم يمكن أن يكون عدد الجماعة قال يمكن أن يكونوا بحدود خمسة إلى سبعة أعضاء للجماعة. 

والشيخ/ ناصر بن عبدالكريم الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وفتاويه مُعلنة في هذا الشأن (للمقارنة فحسب).

 

بعدها جاءت الحرب العالمية الأولى والثانية بما لها وما عليها.

   

الخلفية التاريخية لحرية الإعلام والصحافة ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة في باريس في 10 ديسمبر 1948م  وكانت أبرز عناصره هي :

 

حرية التعبير

حرية التجمع

التحرر من الخوف

التحرر من الحاجة

هذه الوثيقة صادق عليها العالم باستثناء جمهوريات الاتحاد السوفيتي وجنوب إفريقيا والمملكة الوهابية السعودية.

 

لكي لا يتم الخلط بين حرية التعبير والإعلام والمسؤولية تجاه ما يقال وينشر ويمس الجانب الديني والعرقي، هناك عدداً من الدول التي وضعت مجموعة من الضوابط السياسية والأخلاقية في قوانينها مع أنها تعطي لحرية التعبير مكانة في ثقافتها على سبيل المثال:

دول مثل [فرنسا، ألمانيا، بولندا، كندا، أستراليا، بلجيكا، الولايات المتحدة والهند ...... الخ وضعت عدد من الموضوعات والقضايا في مربع المنع و هي :

أولاً:            منع الترويج والنشر الإعلامي لفكرة الحقد والكراهية التي تظهر بين حينٍ وآخر نتاج التباين والتمايز والاختلافات الدينية  والعرقية في المجتمعات الأوروبية. 

ثانياً:          منع معاداة (السامية) كفكرة تبناها النازيون الألمان والعنصريون الفاشيون الإيطاليون، و منع الترويج بعدم الاعتراف بالهولوكوست الذي تعرض له اليهود من قبل الألمان النازيين في الحرب العالمية الثانية، وكذلك منع الشعارات النازية من التداول كالصليب المعكوف وشعار (ألمانيا فوق الجميع).

ثالثاً:          منع الإساءة للكنيسة الكاثوليكية في أوروبا و رمزيتها في شخص بابا الفاتكان، وكذلك منع التطاول والإساءة لشخص الرئيس في عددٍ من البلدان الأوروبية وأبرزها جمهورية بولندا.

رابعاً:          بعد تاريخ 11 سبتمبر 2001م تم تشريع عدد من القوانين تحت شعارات (العمل الوطني) بعد أن غزت الولايات المتحدة الأمريكية كلٍ من جمهورية أفغانستان الإسلامية، وجمهورية العراق، وأسقطت النظامين الوطنيين اللذان كانا مناوئان للسياسات الغربية الصهيونية، وتم القيام بالتنصت على هواتف المواطن في العالم أجمع تحت مبرر مكافحة الإرهاب.

خامساً:          منع الإساءة للرموز الدينية كرسولنا الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، والسيد المسيح عليه السلام. 

(تتذكروا قصة الرسومات الكاريكاتورية التي نشرت في بلجيكا، وهولندا وغيرها من الدول الأوروبية، والكتابات المسيئة للكاتب البريطاني من أصول هندية سلمان رشدي وكتابه سيء السمعة بعنوان آيات شيطانية، وتم منع الفلم المسيء للنبي محمد في هولندا وعلى اثره قتل المخرج على يد مواطن هولندي من أصول مغاربية، لوحة البول على المسيح، الرسوم الخادشة على رمزية الصليب المقدس لدى الطائفة المسيحية، منع الأفلام المسيئة للمسيح وهي منتجة في اليونان و أميركا وبريطانيا).

 

ماهي خلفية الرسالة الإعلاميةٍ الوطنية في زمن تعدد مصادر النشر ؟

هناك رسائل إعلاميةٍ تحتاج إلى جهد لشد المستمع المستقبل وبالذات الرسائل الثقافية وحتى السياسية. 

الرسالة الإعلاميةٍ هي ببساطة تكون بين (مرسل و مستقبل)، المرسل يصنع الفكرة، يهندسها ويبحث في المحتوى المطلوب إرسالها إلى الناس وجمهور المستقبلين، أَي أنه يبحث عن فكرة مثيرة يستفز انتباه المستقبل وهنا يبحث عن تلك الإشارات التي تجعل من المشاهد أو المستفيد في حالة انتباه مستمر، ويتحول إلى زبون دائم لهذه القناة أو تلك.

 

الإعلام الموجه لأهداف حزبية وسياسية وعقائدية :

هي وسيلة إعلاميةٍ محددة تكون وظيفتها الرئيسيّة في الدفاع عن سياسات الجماعات والأحزاب وحتى الدول ، وهذه الوسائل تتصف بالأدوات الناعمة للآراء الشمولية أو التوتاليتارية، وكانت الدول الشمولية الاشتراكية لديها مثل هذه الأدوات الإعلامية الموجهة، البرافدا، نوفوستى السوفيتية، نويس دوتشلاند الألمانية الشرقية، الصين الجديدة، جراناما الكوبية (الإعلام الاشتراكي في زمن الحرب الباردة) ...... الخ.

في عالمنا العربي ظهر نوع من الإعلام الموجه الكاذب وكأننا لازلنا في زمن الحرب الباردة مثال (العربية، والحدث وسكاي نيوز عربية، إم بي سي)، وللتدليل هنا ما يحدث من تغطية للحرب العدوانية على الجمهورية اليمنية  وقضية الجريمة البشعة للإعلامي / جمال خاشقجي / رحمة الله عليه، و يوم أمس نقلت صحيفة الواشنطن بوست وعلى لسان أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي حكاية الشاب السعودي الذي دهس شابة أمريكية في إحدى الولايات الأمريكية وتم القبض عليه والتحقيق معه، لكن القنصلية السعودية زورت له جواز جديد وتم تهريبه إلى السعودية وهنا تمت إثارة القضية من جديد أمام وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية.

 

الإعلام الحر الليبرالي المنتشر  الذي بدء في عالمنا العربي مع بدء زمن الساتلايت وقناة الجزيرة تحديداً وبقية القنوات الفضائية على مستوى العالم: 

هو إعلام متعدد في النوع والأداء ويُعُّد من بين أهم أنواع الإعلام في العالم، ويعتمد على حرية الرأي والموقف في نقل المعلومة كما هي. 

 

تُعُّد القنوات الأساسية في الغرب على سبيل مثال CNN , BBC , نيوز ويك ، نيويورك تايمس، دير شبيقل، دي فيلت والواشنطن بوست ..... الخ.

 

الإعلام المقاوم في عالمنا العربي والإسلامي:

أَي مواطن سوي وطبيعي في منطقتنا العربية الإسلامية يفهم قصة المقاومة هي لصد عدوان بني صهيون، كون إسرائيل الصهيونية هي من اغتصبت أرض فلسطين قبل ما يزيد عن  الـ 70  عام، و أن القدس الشريف والأقصى المبارك ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، و أن أية مقاومة شرعية ومشروعة هي تأتي في هذا السياق، ما عداه فهي ضحك على الدقون وابرز القنوات المقاومة هي قناة الأقصى الفلسطينية ، و الميادين والمنار اللبنانية والأخبار السورية والمسيرة، واليمن اليوم، والساحات واليمن من اليمن اليمنية، وقناة العالم الإيرانية.

 

 هل هناك إعلام محايد ومُنضبط بالمعنى اللفظي للكلمة ؟

 

الله اعلم !!!

 

مصادر المعلومات الصحيحة هي حق إنساني يجب أن يحصل عليه المواطن، وهذا له تاريخ طويل من تاريخ الإعلام والصحافة في الغرب الاستعماري.

 


ليست هناك تعليقات