11 سبتمبر بين الأمس و اليوم المتغيرات و الثوابت ...
إجتمع الرئيس الأمريكي الأسبق " رونالد ريغن " بالمجاهدين الإسلاميين الأفغان حيث وصفهم بأنهم " مقاتلو الحرية " و شبّه نضالهم بنضال الآباء المؤسسين لأمريكا و كرّمهم بزيارة ثانية و ثالثة
في عام 1979 م و بعد مرور 20 سنة فقط هؤلاء هم أنفسهم الذين سيصبحون بعد هذه الفترة أعداء العالم و ضد إستقراره و أطلق عليهم مصطلح " الإرهاب " من طرف رئيس أمريكي آخر " جورج ولكر بوش " بداية عام 2001 ، لأن المتغيرات تغيرت و إستراتيجية الولايات المتحدة معهم و رؤيتها للمنطقة تحولت ...
والسؤال المطروح : كيف صنعت الولايات المتحدة " مقاتلو الحرية " و أصبحوا فيما بعد منظمة إرهابية " القاعدة "
البداية كانت من غزو الإتحاد السوفياتي لأفغانستان و إستغلال المخابرات المركزية الأمريكية لمشاعر المسلمين و دعم التيار الإسلامي و الشعوب المسلمة بمباركة من المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية لشرعنة الجهاد و مقاتلة كفار السوفيات في أفغانستان و الإستشهاد في سبيل الله ....
و بالتزامن مع ذلك سقوط نظام الشاه في إيران و صعود جماعة دينية متشددة بقيادة " الخميني "
كل هذا مما أدى إلى تبعثر أوراق أمريكا في الشرق الأوسط بين ثلاث أقطاب متعارضة بداية من إيران الشيعية و العراق الدكتاتورية و إسرائيل الحليفة و المهددة
وبعد إنتهاء دور مقاتلو الحرية أمس و إرهابيو اليوم فكرو في الإنقلاب على المدبر و الممول فقاموا بتفجيرات متعددة في الداخل السعودي و مثلها في الولايات المتحدة فظهر للعالم احداث 11 سبتمبر2001 التي تسببت في إنهيار برجي التجارة في نيويورك فأظهروا للعالم أنها أخطر منظمة إرهابية و صرّح الرئيس الأمريكي
" جروج دبليو بوش " أن بلاده عازمة على الرد و خاطب بذلك العالم أن " من ليس معنا فهو ضدنا ومع الإرهاب "
و بدأت أسهم هذه المنظمة الإرهابية " القاعدة " في الصعود و بدأت مطاردتهم في كل مكان و خصّت بتغطية إعلامية متبوعة بخبراء التحليل السياسي و العسكري و صفقات أسلحة و تشكيل تحالف دولي و تشديد صارم في المطارات و غلق للحدود.... كل هذا ضد من ...؟؟
ضد من كانوا بالأمس مقاتلو الحرية أصبحوا أكبر تهديد يواجهه
العالم !!!
وفي تصريح آخر للوزيرة الخارجية " هيلاري كلينتون " في الكونغرس أن الإرهابيون التي تحاربهم أمريكا اليوم كنا نحن من ندعمهم و نمولهم و ذلك قبل 20 سنة فقط
لكن إدارة بوش الإبن و معه صقور البيت الأبيض قرروا خوض مغامرة أخرى و دحر الإرهاب مرة ثانية وهذه المرة في العراق و اسقاط صدام حسين و نظامه
فبعد أن إستغلت ولايات المتحدة الدكتاتوري صدام حسين و جيشه لحرب الثماني سنوات ضد إيران و غزوه للكويت و تفجير لأنابيب النفط و إرسال عدة هجمات بالصواريخ إلى إسرائيل إنقلبت الولايات المتحدة عليه و شطّب إسمه و أصبح فجأة له علاقة بأحداث 11 سبتمبر و أنه يأوي المجاهدين الأفغان و أنه يملك أسلحة الدمار الشامل ....
فسهل بذلك إسقاطه و تحرير شعب العراق من إستبداده و قيام نظام علماني ديمقراطي في العراق يكون نموذجا عن النسخة الأمريكية في المنطقة
أما في 11 سبتمبر 2020 و لإستقراء لمخلفات 11 سبتمبر 2001 نجد :
أن أفغانستان و مجاهدوها الذين كانوا بالأمس مقاتلو الحرية و تحولوا اليوم إلى منظمة إرهابية و أصبحوا مرة أخرى دعاة السلم و المصالحة و بتكليف لأحد حلفاء أمريكا و دعمها اللامحدود لجهود دولة قطر و مباركة خطوات حركة طالبان من أجل التوصل على أفضل صيغة ممكنة لإنسحابها من وحل أفغانستان ...
فقط لأن أفغانستان لم تعد خطر محتمل لأمريكا و لكي تتوجّه صوب الشرق نحو الصين و روسيا
أما العراق بعد غزو 2003 لم تعد دولة بمفهومها الحديث فقد تحولت إلى مليشيات و كتائب تابعة لتركيا في الشمال و إيران في الشرق و إسرائيل من الغرب و الدول الخليجية من الجنوب كل دولة تحارب من أجل مصالحها و حتى موارده النفطية لم تعد تحت سيطرته فأصبح العراق آخر من يتحصل على جزء منها ....
فبتغير المصالح الامريكية تتغير معها طرق التدخل و السيطرة و أساليب الهيمنة و إخضاع سيادة الدول و خلق الذرائع المناسبة لكل دولة
أما في 11 سبتمبر 2020 فلم تعد أمريكا تستعمل قوتها العسكرية كالماضي فقد تطورت إلى حرب إقتصادية و إلى إستعمال الأسلحة الميكروبية و البيولوجية و الفيروسات كفيروس كورونا التي أصبحت الولايات المتحدة تنفذ منها أغراضها في أيام وشهور بعد أن كانت تحقق أغراضها في شهور و سنوات
وهل ستتمكن الولايات المتحدة يوما من تطوير نوعية من الأسلحة التي تفي بأغراضها خلال دقائق و ساعات فقط ؟؟؟
{ الإرهاب هو إرهاب لمصالح الولايات المتحدة وحلفائها و زعزعة الأمن العالمي هو الذي يزعزع إستقرار إسرائيل فقط .... ماعدا ذلك فهو كلام و تضليل ... والذريعة الجاهزة هي محاربة الإرهاب }.
◀ فالمتغيرات هي الدول و الثوابت هي المصالح .

أضف تعليق