الدكتور أحمد سالم القاضي في رحاب الخالدين
الدكتور أحمد سالم القاضي في رحاب الخالدين
أ.د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور
ودَّعت اليمن كُلها ومحافظتا عدن وأبين بشكلٍ خاص ابنها البار المثقف الأنيق الدكتور/ أحمد سالم القاضي في موكب جنائزي مهيب إلى مثواه الأخير، ودَّعته بألم وحزن بالغين إلى رحاب جنة الخلود بإذن الله بتاريخ 11/7/2022م.
كانت معرفتي بالدكتور القاضي تعود إلى زمن ما قبل الوحدة اليمنية في مدينة عدن، وكان حينها مديراً ومعلماً وموجهاً في معهد عبدالله باذيب للعلوم الاجتماعية والإنسانية في ضاحية كريتر من مدينة عدن، لقد كان ينظم باهتمام بالغ معظم الحلقات الفكرية والثقافية لشباب التنظيم السياسي للجبهة القومية وبعدها لأعضاء الحزب الاشتراكي اليمني.
كان دائم الحركة والمثابرة والنشاط والحيوية، دائم الابتسامة والتفاؤل برغم كل الظروف التي مرت عليه وعلى العديد من الشخصيات القيادية في الحزب آنذاك.
كُنا مجاميع من الشباب وقد أنهينا مرحلة الدراسة الثانوية في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين في العام 1975م، كُنا ننتظم مجموعات طلابية شبابية ليرتب لنا تلك الدورات الثقافية السياسية الحزبية مع الأساتذة من عدد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي وتحديداً من روسيا الاتحادية وبقية الجمهوريات السوفيتية، ويزاملهم عدد من الأساتذة اليمنيين أيضاً.
ينحدر الدكتور/ القاضي من مدينة شقره الأبينية التاريخية التي تبعد عن مدينة زنجبار قرابة 35كم، ومن أسرة مناضلة ومكافحة، ومن هذه المدينة برز عدد من الشخصيات السياسية المقاومة للاستعمار البريطاني، وكانوا جزءاً من النسيج الوطني لبناء الدولة الوطنية في جنوب اليمن، وكان أبرزهم الأستاذ/ أحمد عبيد الفضلي، والشيخ/ حسين ناصر عُمير، وغيرهم العديد من الشخصيات الوطنية.
شغل الدكتور/ القاضي منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة المهندس/ حيدر العطاس في أول حكومة مركزية بعد الوحدة اليمنية المباركة، واستمر حتّى جاءت حكومة جديدة وبقي هو مستشاراً.
وبعد عدد من السنوات شغل منصب نائب وزير الثقافة في حكومتي الأستاذ/ عبدالقادر باجمال، والدكتور/ علي محمد مجور، واستمر في المنصب حتى جاءت رياح التغيير التدميري فيما سُمي بالربيع العربي، ومن يومها ظل وفياً لقيم الوطن اليمني العظيم، لم يكن سياسياً انتهازياً ولا وصولياً ولا متزلفاً في مسيرته المهنية، كان عصامي التربية، شديد الاعتزاز بذاته وأسرته وماضيه النضالي الحزبي والتنظيمي، برغم ما حاق به من ظلم الرفاق له في مسيرته الكفاحية والمهنية.
كان واحداً من خيرة رفاق الرفيق الرئيس/ (سالمين) الصادقين، وظل يردد علينا باستمرار مناقب ومحاسن ومميزات الرئيس الشهيد/ سالم ربيع علي (سالمين) الكفاحية، كيف لا وهو زميل كفاح ونضال له مُنذ حرب التحرير الفدائية ضدَّ الاستعمار البريطاني المحتل لجنوب الوطن في مُدن زنجبار وشقره وجعار وعدن.
له إسهامات فكرية نظرية عديدة في شكل محاضرات أكاديمية وثقافية وأبحاث ومقالات ودراسات، لكنها للأسف لم تُجمع، ونحُث محبيه وأسرته على الاهتمام بها لأنها ستغدو ذات يوم جزءاً من التراث الفكري للأستاذ الدكتور المفكر/ أحمد سالم القاضي، تنتفع به الأجيال اللاحقة وفق المثل الشعبي اليمني (إنّ ما كُتب قر، وإنّ ما حُفظ فر) ولكي يبقى فكره في منصات المكتبات اليمنية علينا الاهتمام بها.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾
أ.د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور
رئيس مجلس الوزراء
صنعاء - بتاريخ 26-07-2022م
المصدر : موقع صحيفة الثورة نت
أضف تعليق