قراءة متأنية بمقال بن حبتور... الموسوم"محور المقاومة الضمان لعدم ضياع فلسطين... كما ضاعت الأندلس" - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

قراءة متأنية بمقال بن حبتور... الموسوم"محور المقاومة الضمان لعدم ضياع فلسطين... كما ضاعت الأندلس"

 

قراءة متأنية بمقال بن حبتور ...

الموسوم"محور المقاومة الضمان لعدم ضياع فلسطين ... كما ضاعت الأندلس" ،،،

الكاتب : محمد الجوهري



يصر صديقي الكاتب المتميَز دولة رئيس حكومة تصريف الاعمال بصنعاء كمثقف ثوري مشتبك مع قضايا شعبه وأمتيه، على مواصلة الكتابة بكثير من الإنغماس والحماسة بشأن فلسطين والقضية الفلسطينية التي أصبحت محك نضالي قومي مُتَفجِرَ لاسيما بعد "ثورة طوفان  الأقصى"، وما حققته من معطيات بالغة الأهمية كان لها شديد الأثر فيما يخُص ما خلقته من مُتغيرات احدثت لأول مرة  ذلك الكم الكبير من الارباك والتعطيل "للإستاتيكو الجيوسياسي/استرتيجي" الذي لطالما تم تكريسه وترسيخه من قبل العدو الصهيوامريكي وداعميه من دول الغربي الاستعماري كذلك في فلسطين المحتلة وجوارها الجغرافي اللصيق خاصة وفي الشرق الأوسط عُموما .

فهاهو اليوم يطالعنا بأحدث مقالاته السياسية التنويرية/التعبوية والتحشيدية بالرغم من زحمة انشغالاته الرسمية والأكاديمية والسياسية، يظل هاجس القضية الفلسطينية حجر الزاوية وبوصلة الوجهة و التوجه لديه، فمن خلال عنوان مقاله هذا المباشر "محور المقاومة الضمان الوحيد لعدم ضياع فلسطين ... كما ضاعت الأندلس" ، ومن الواضح انه عنوان تحذيري للحكام عرب + مسلمين من المتغافلين وهو كذلك للشعوب المرتهنة خوفا لإراداة حكامها، او نتيجة لوقوعها تحت طائلة التشويش والآسر بتاثير السوشال ميديا العربية والغربية التي تقدم سرديات مُغايرة لواقع حال الوضع العام للقصية الفلسطينية و راهن مآلاتها .

لقد كان ولوج الكاتب لمقاله صاخبا و مستفزا للقارئ من خلال سؤاله بالنص : (مَن مِن أحرار الأمة العربية / الإسلامية لا يشعر بحسرة وألم حينما يتذكر أننا خسرنا الأندلس ..؟؟؟) مُلحِقا للسؤال بشرح توصيفي تغنى فيه بروعة وجمال ذلك الإقليم، مستحضراً التاريخ كذلك ليس للتأصيل فقط ولكن للتشويق الاستفزازي ايضا بسرد تفاصيل اشتملت عليه عدد من اسفاره وما حازته الزمكنة من شموخ حضارة وتنوير انساني، انجزه المسلمون العرب والبربر والفُرس فكانت الاندلس منارة من منارات العالم في العلم والفكر المعرفي الديني والإنساني، التي تموضعت في القارة الأوروبية حين كان الأوروبيين اقوام برابرة متوحشين يعيشون في ظلام الجهالة، ثم استرسل مجيبا على سؤاله النص كذلك : (نعم جميعنا نتحسر وبالذات أحرار الأمة كما أسلفت لأن الأندلس جزء غالٍ من ثقافتنا وهويتنا وروحنا الإنسانية التاريخية)، ليكمل في السرد كيف فجر جمال الأرض وروعتها وغنى ارضها وخصوبتها وكثرة انهارها القرائح وفتق الاذهان والعقول الى ابتكارات معرفية وعلمية في العديد من المجالات مثل الفلسفة والطب و الرياضيات وعلم الفلك والفيزياء والهندسة، موضحا ان الأجداد لم يتركوها طواعية بل مُجبرين، وبحكم ان الكاتب رجل دولة وسياسي عتيد لصديق العلاقة بالتاريخ والغوص في اسفاره بحثا وتنقيبا،ً لذلك نراه قد ابحر فيه سرداً وشرحا للتفاصيل بلا كلل او ملل، ابتداء من تفكك الدولة الإسلامية بقيادة الموحدون وطلبهم عون حكام مصر المماليك الذين خذلوهم دونما اكتراث لمصير اهم ثغور الإسلام المهدد بالسقوط بيد الفرنجة، وصولا الى الملكة ايزابيلا وما ادراك ما ايزابيلا طاغية الطُغاة النصارى، والشروط الثلاثة المُهينة التي عمل إملائها المنتصر الفرنجي على المهزوم المسلم وحجم اجحافها وقساوتها واذلالها للنفوس التي أعزها الله بالإسلام ولم يحافظ ولاة الأمر على تلك العِزة، المهم انت أ.د. بن حبتور قدم سرداً باذخا كمهتم بالتاريخ من ناحية حيث أشار الى البودكاست الذي تابعه عن الباحثة الموريسكية التي تحدثت عن تاريخ التعامل المهين مع اجدادها وابائها كمسلمين عرب اخفوا لغتهم وديانتهم عن الحكام الفرنج كي لا يطالهم العسف، وننقله لكم نصا : (تابعت حواراً جميلاً (بودكاست) للباحثة الموريسكية المسلمة المثقفة جداً السيدة/ أديبة روميرو سانشيز، وهي تتحدث باللغة العربية الجميلة في حديثٍ مطول استغرق الحوار الهادئ قرابة الساعتين، ومن حلقتين كاملتين )، ومن ناحية أخرى ليُرسخ تحذيره في عقول وقلوب العرب والمسلمين، لجهة استنفار وجدان وضمائر اربعمئة مليون عربي موزعين على 22 دولة، في وقت و زمن الانتصارات التي نعيشها بفضل (ثورة الطوفان) المبارك  للأقصى المقدس، لاسيما وأن (وزير خارجية أمريكا بيلنكن) جاء في جولة مكوكية ليجعل من نصرنا هزيمة بآضاليل إفك الأطروحات الفهلوية مثل: (الهُدنة ومُفاوضات حل الدولتين الزائفة) التي تم تجريبها (بعد أوسلو) دونما طائل تحقق منها.


في إضافة للتذكير والتأنيب ينقل الى القادة والحكام مع الشعوب العربية على لسان الأم الثكلى والزوجة المُرملة، انه وبعد اكثر من 90 يوما من حرب إبادة ضروس بلغ عدد الشهداء و الجرحى ما يقارب المئة ألف انسان من مواطني (غزة الكرامة)، "وهم نضجوا قبل ان ينضج الزيتون و العِنبُ" كما قال الشاعر الفحل أبو تمام "للخليفة المعتصم بالله" الذي فزع لنجدة المرأة العربية وقرر غزو عمورية تأديبا للفرنجة وانتخاءً للعربية التي جئرت بصوتها (وا مُعتصماه) طالبة لنجدته، فذهب جيش الإسلام مؤدبا لأؤلئك الفجرة. 

لينطلق بعد ذلك كاتبنا الهُمام ليضرب لنا مثلاً لفزعة احرار اليمن من خلال خطاب القيادة الثورية ممثلة بالسيد/عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي صرخ مُلبيا ... لبيك يا اقصى لبيك يا قُدسنا الحبيبة لبيكم يا مجاهدون الابرار حماة الديار في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وكرمان في ايران، موَجه ا باطلاق الصواريخ الباليستية والطيران المُسيَر لضرب اهداف حيوية للعدو الصهيوني بل واغلاق "مضيق باب المندب" في وجه سفن الصهاينة والنقل التجاري البحري معهم، وتلك اكبر فزعة لاحرار اليمن بهذا المستوى من الحزم والقوة، وتناغما مع الصوت القادم من اليمن انطلقت أصوات قادة محور المقاومة مُجلجلةٌ لن نترك غزة وحدها ولو انطبقت السماء على الأرض، كل جبهة ستقوم بجهدها وحسب قدراتها وبما يتوفر لديها من إمكانيات فمحور المقاومة كتلة متراصة ينسق ويخطط برامج اعماله في اطار تكاملي عسكريا و أمنيا واعلاميا وسياسيا مُنسق ومدروس بدقة وصرامة، لذلك وكما جاء في عنوان المقال ان محور المقاومة العربية/الإسلامية سيظل صمام الأمان والضمان ليس لبقاء القضية الفلسطينية فقط بل وكذلك استعادة الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني من البحر الى النهر بإذن الله سبحانه وتعالى وتوفيق رضوانه .


وتأسيسا على ماتقدم نجد ان الكاتب يستشهد على صوابية السرد والتوضيح من خلال عرض لحقائق معاصرة عشنا تفاصيلها كمؤامرات خيانية جبانة نفذها العدو الصهيوامريكي ننقلها نصا من مقاله : ( في غضون أسبوع ونيّف من إعداد مقالنا هذا، يتعرض محور المقاومة لهجمة عدوانية مسعورة بدأت بمهاجمة قوات "المارينز" الأميركية للقوارب الحربية التابعة للجيش اليمني في البحر الأحمر، واستشهد خلالها عشرة جنود مجاهدين من القوات المسلحة اليمنية، واغتيال الشهيد رضا موسوي، مستشار حرس الثورة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق من قِبَل المُسيرات الصهيونية الإسرائيلية، واستشهاد الشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية حماس ورفاقه بصواريخ مُسيرة من الكيان الصهيوني اليهودي، وارتقاء أزيد من 103 شهداء في مدينة كرمان الإيرانية وجرح ما لا يقل عن 200 شخص، وقد قِيل ان تنظيم "داعش" أعلن مسؤوليته عن هذا العمل الإجرامي، وارتقاء الشهيد طالب السعيدي واثنين من مرافقيه، وهو معاون قائد عمليات حزام بغداد في الحشد الشعبي من حركة النجباء العراقية، باستهدافهم من قِبَل طائرات مُعادية أميركية في قلب العاصمة العراقية بغداد) . 

مُختتما لمتن المقال قبل الانتقال للمرتكزات السبعة ... قائلاً على ماذا تؤشر كل تلك الجرائم الصهيوامريكية الممتدة على كامل جغرافيا دول محور المقاومة الست إذاً، أليست اعظم دليل على ما يلي :


أولاً :

في هذا المرتكز نجد ان الكاتب يُصرح بحقائق ابرزها انه : لا يُشكل محور المقاومة العربية الإسلامية لفلسطين فقط الدرع الواقي لصد جزء من الهجمات العسكرية والأمنية والسياسية المميتة من قِبَل الكيانين الصهيوني والأميركي، بل وكذلك يُشكل الأجناب القوية في توسيع جبهات المواجهة والإشغال والتشتيت لقواتهما وجهودهما ايضا .


ثانياً :

هنا نرى ان الكاتب يؤكد حقيقة ان انخراط كامل محور المقاومة العربية الإسلامية يثبت بما لا يدع مجالاً للشك، ان القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمتين من العاصمة الاندونيسية جاكرتا شرقا الى طنجة في شمال المغرب العربي غربا،ً وإن نكص عدد من الحكام العرب والمسلمين عن النهوض بأدوارهم المفترضة في اعلائها والدفاع عنها .


ثالثاً :

اما في هذا المرتكز يُعلن الكاتب ان مفاعيل دور محور المقاومة هي في حقيقة الأمر تُقوَض الخطوات والإجراءات التطبيعية البائسة التي نفذها عدد من خونة الحكام العرب المتصهينين مع دولة الكيان الصهيوني اللقيط والمدعوم من القوى الصهيونية الامريكية والغربية الاستعمارية، ويُفشل كافة مشاريعهم التآمرية الهادفة الى الهيمنة في الشرق الأوسط خاصة وفي بقية اصقاع العالم عُموما .


رابعاً:

أما رابعا يُشير أ.د.بن حبتور ان حضور محور المقاومة كان له دور فاعل في افشال كافة المشاريع المشبوهة ، التي يعمل الخونة من الصهاينة العُربان ومن لف لفهم في التطبيع الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، الهادفة الى جعل هذا الكيان جزء طبيعي من نسيج وطننا العربي قسراً .


خامساً:

في إلتقاط بديع للدور الذي يلعبه محور المقاومة في عموم ساحات المواجهة ضد المخططات الصهيوامريكية، نجد ان هذا المحور قد أعاد لفلسطين والقضية الفلسطينية تموضعها الطبيعي في الزمان والمكان اللذان تستحقهما في مسارات الصراع الدولي بين قوى الخير ضد اشرار عالمنا.


سادساً:

بحصافة وفطنة يُثني الكاتب غمزاً لجهود و دور محور المقاومة اسهامه الجِدَيَ مع الشعب العربي الفلسطيني، في ثتبيت هويته العروبية الايمانية الجهادية والكفاحية ضد العدو الصهيوامريكي الغاصب لأرضه والمحتل لوطنه، بل وإعانته على ترسيخ تراثه النضالي الوطني كعنوان رئيس وبوابة واسعة للصراع والمجابهة في مقارعة المشاريع الإستيطانية الصهيونية الطامعة وفق الاساطير التلمودية بوطن صهيوني من الفرات الى النيل .


سابعاً :

وفي ختام المرتكزات سابعا يلفت الكاتب الفذ الى ان الدور الذي انجزه محور المقاومة هو تلك الصحوة التي احدثتها جًرئة مواقفه وصميمية انحيازة لفلسطين وقضيتها العادلة، الأمر الذي جعلها تعتلي صهوة الضمائر الإنسانية، وانعكاس تأثير ذلك على الرأي العام العربي والإسلامي والدولي في كافة بقاع العالم بما فيها الدول الصانعة للكيان الصهيوني والداعمة له والمستفيدة من التعاون معه كدول هامشية لا تر في خرائط الجغرافيا .


الخلاصة :

أما الخُلاصة هنا والتي عمد الكاتب على تلخيصها بتكثيف ذكي بل لافت للنظر فانني حرصت على نقلها للقارئ الكريم نصا :( نذكر القارئ اللبيب هنا، بأن ما دامت قوى عربية إسلامية مقاومة حيّة موجودة فلن تضيع فلسطين الحُرة الأبيّة كما أضاع الحكام العرب في ذات يوم أسود، أرض الأندلس الغالية على قلب كل حُر عربي ومسلم) .


ختاماً :

استميح صديقي العزيز الكاتب كما هو طلب السماح من القارئ الكريم على تضمين خاتمة هذه القراءة بملاحظتين طاب لي ايرادها على خلاف العادة وهما :


أولاً :

أورد الكاتب في سياق المقال مقولة مشهورة هي)ما أشبه الليلة بالبارحة( في تشبيه حال ضياع الاندلس، مع إمكانية ضياع فلسطين اليوم لا سمح الله بذلك بلطف اقداره سبحانه وتعالى رب العرش العظيم، وما أود الإشارة اليه هو انني كرجل سياسي محترف واحسب نفسي كمثقف قرأت في العديد من كلاسيكيات الفكر الثوري ونظريات المعرفة الفلسفية الجدلية منها او تلك الراصدة للمتغيرات النظرية التي تتناولهما بالنقذ والتحليل وربما بالإضافة المعرفية تطويراً في بعض الأحايين، فعلى سبيل المثال فقط فانني وجدت ان كتاب المادية التاريخية الذي يتناول سيرة ومسيرة التاريخ الاجتماعي/السياسي للمجتمعات البشرية وديناميات تطوره، والذي لخصه البعض )بنظرية الصراع الطبقي( كمحرك لتطور تلك المجتمعات والذي أساسه هو العلاقة بين )القوى المنتجة + علاقات الإنتاج(، وفي شرح التفاصيل يتضح للمتتبعين ان عدد من احداث وظواهر من التاريخ تعيد نفس وتكرر ذاتها، ولكن باشكال اكثر تطوراً من ظهورها السابق كون دورات التاريخ حلزونية باتجاه تصاعدي، فحينما أضاع المسلمون الاندلس، كانت الاندلس في قارة أوروبا وبيننا وبينها بحار وجبال ورحلة سفر طويلة، لكن ان يتكرر ضياع فلسطين اليوم وهي في قلب المنطقة العربية، سيكون ذلك غبارة عن عار اسود في وجوه العرب وخذلان مهين سيلاحق الحكام والقادة الى ابد الابدين، وذلك هو ما اجبر الكاتب على العتاب التحذيري .


ثانيا:ً

إفادة تنويهية لاحظوا مع انني كتبت إفادة وليست شهادة، لأنني اعلم بان شهادتي مجروحة في صديقي عزيز بن حبتور، وهذة الإفادة مصدرها علاقتنا الحميمية المتواصلة على مدى 45 عاما من عمر الزمان، وهو زمن تشاركنا في العمل السياسي والحزبي بمعية جيل كامل رحل من رحل الى جوار ربه واغترب اخرون وبقى من بقى معنا على اختلاف المناصب و الألقاب والرتب، زعماء و سياسيين كبار ووزراء وقادة عسكريين وحزبيين، لكن على من تنوع انتماءاتهم وتغير قناعاتهم الأيديولوجية والسياسية التي يفتخرون بها، او يحرصوا على اخفائها لم اجد بينهم من يمتلك حماسة وإصرار بن حبتور في الحفاظ على الحب والولاء لفلسطين و للقضية الفلسطينية، ولعل هذا السيل من المقالات والتصريحات والخطب في فلسطين، يتيح لي بالحكم العام على تفرد الرجل بذلك الحب والولاء فلا يوجد بين كل من عرفناهم منافس له في ذلك، لا من الذين هم على رؤوس وظائفهم او منهم خليك بالبيت او الموزعين في مهاجر الشتات وفنادق وفيلل الفهنة اهتم بالكتابة على نحو ما فعل ويفعل بن حبتور   وفقه الله على طريق الحق والرشاد ...


رابط مقال بن حبتور ( محور المقاومة العربية الإسلامية.. الضمان الوحيد لعدم ضياع فلسطين كما ضاعت الأندلس )


الكاتب : محمد الجوهري.

جامعة عدن.



ليست هناك تعليقات