أرواح ودماء اليمانيين لا تعني شيئا للقادة (العرب والمسلمين) حول العالم !!!/ ا.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

أرواح ودماء اليمانيين لا تعني شيئا للقادة (العرب والمسلمين) حول العالم !!!/ ا.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور

تعرض شعبنا اليمني العظيم لعدوان ظالم ووحشي مُنذ صبيحة الـ 26 مارس 2015م من قِبل تحالف دول العدوان (العربي — الإسلامي) قُدر العدد يوم ذاك بـ 17 دوله تقوده المملكة العربية السعودية وشريكتها الإمارات العربية المتحدة ولازال هذا العدوان مستمراً حتى كتابة هذه الأسطر.




وطبيعي أن يكون الرأي العام العالمي شعوباً وأحزاب ودوّل قد شاهد حجم القتل والترويع وموت المرضى ومظاهر الدمار والخراب الذي تعرّض له اليمن (السعيد) بائنة لكل ذي بصيره، لأن العالم بأسره تابع باهتمام وقلق كل هذه الحرب الوحشية عبر وسائل الإعلام العالمية والعربية، وبطبيعة الحال تابعوا تقارير المنظمات الإنسانية الدولية من على منابر الأمم المتحدة المتعددة والتي أجمعت بأن اليمن يعيش الآن اعظم كارثة إنسانية على وجه الأرض مُنذ الحرب العالمية الثانية، وخسرت بسببها أزيد من 250 الف مواطن جراء العدوان والحصار ويموت طفل يمني في كل عشر دقائق و أن ميناء الحديدة محاصر ومطار صنعاء الدولي مُغلق.

و إذا عدنا قليلاً بالذاكرة لنستعيد أسماء المواقع والأمكنة المدنية المسالمة التي قصفها الطيران السعودي والإماراتي بعنوة وقصد لوجدنا أنها علامات واضحة مع سبق الإصرار على ارتكاب الجرم العمدي الصريح، و إلا كيف سيفسر العالم بمنظماته الإنسانية قتل الأبرياء من المواطنين العُزل في الأماكن الآتية:
• قصف عُرس سنبان في ذمار
• قصف سوق شعبي في الفيوش في لحج
• قصف سوق مستباء لمرتين في حجه
• قصف المستشفيات التي تشرف عليها منظمات إنسانية أجنبية
• قصف سكن عمال الكهرباء في المساء في تعز
• قصف مدرسة البنات في محافظة صنعاء
• قصف حافلة للركاب تقل معلمين وأطفال مدارس المرحلة الأساسية (ابتدائية) في ضحيان في صعده
• قصف السجون المدنية وبها محكومين قضائياً في كلٍ من الحديدة وحجه و أمانة العاصمة و إب
• قصف الصالة الكبرى بأمانة العاصمة في عزاء آل الرويشان التي راح ضحيتها أزيد من الف ضحية بين قتيل وجريح
• قصف حي سعوان بجانب مدرسة البنات في العاصمة صنعاء
• وآخر جريمة مُرتكبة كانت في العاشر من رمضان 1440هـ وراح ضحيتها قرابة تسعين ضحية بين قتيل وجريح في قصف حي مكتظ بالسكان المدنيين في شارع الرباط حي الرقاص بالعاصمة صنعاء.
كل تلك المشاهد المؤلمة شاهدها العالم قاطبه بمن فيهم (القادة العرب المسلمون)، ولكنها للأسف لم تحرك فيهم نخوة الإنسان السوي ولا الضمير الجمعي الديني وخاصةً حينما كانوا يجتمعون على بعد أمتار من أقدس المقدسات الطاهرة للمسلمين جميعاً وهي بيت الله الحرام وكعبته المشرفة في مدينة مكة المكرمة، لكن لماذا ينتابنا مثل هذا الاستغراب من سلوك هؤلاء !!!، أليس هؤلاء هم (القادة ذاتهم) من فرط بالقدس المباركة، فلم يتحرك لهم ضمير ولا روح للمسؤولية حينما قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يمنح مدينة القدس بشقيها الشرقي والغربي المُحتل هدية مجانية للمحتل اليهودي الصهيوني كعاصمةٍ أبدية لهم ومنح هضبة الجولان السورية للعدو الإسرائيلي وكان احتجاج واعتراض (القادة) باهتاً وخجولاً ولم نسمع سوى كلمات مكررة في الشجب والإدانة لا تسمن ولا تغني من جوع، والأدهى والأمَرْ من كل ذلك فإن من دعا للمؤتمرات الثلاث (الخليجية والعربية والإسلامية) هو من يهيئ الملعب والظروف لانطلاقة ما يسمى بصفقة القرن بهدف تصفية القضية الفلسطينية برمتها وكأننا نعيش زمن النكبة الثانية لأهلنا بفلسطين على يد هؤلاء (القادة) المُطبعين ذاتهم، كما عاش الفلسطينيون الأوائل النكبة الأولى على يد المدعو/ آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا آنذاك بالتعاون مع زعماء صهاينة عرب في ذلك الزمان.
تابعنا والعديد من المهتمين في عالمينا العربي والإسلامي بالشأن العام لأمتنا الإسلامية التي بلغت اليوم في تعداها قرابة الـ مليار ونصف المليار مسلم، نعم تابعنا بانبهار ذلك الحشد الكبير من القيادات والقادة المسلمين والعرب الذين شُملوا بالدعوة والرعاية من قِبل (خادم الحرمين) ملك المملكة العربية السعودية، لقد شاهد المواطنون جميعاً لأيام الخميس والجمعة الموافق 31 - 30 مايو 2019م في مكة المكرمة وفِي ليالي العشر الأخيرة المباركة من شهر رمضان الكريم كرنفال وبهرجة وألوان فاقعة لم تعد تسر الناظرين والمشاهدون معاً، لقد جاء حشد كبير من (الزعماء العرب والمسلمين) وكلٍ له برنامجه وهدفه الخاص من هذه المؤتمرات واللقاءات الجماعية والفردية ولا يجمعهم جامع سوى تلك القاعة الأنيقة المؤثثة تأثيثاً راقياً عدى من أجهزة الميكرفونات التي تعطلت في منتصف الاجتماع، وباجة ذهبية وضعت على صدور المشاركين، ونسيان تام ومقصود لقضايا الأمة وما تتعرض له من عدوان وحروب في كلٍ من اليمن وسوريا وليبيا والصومال والعراق ومؤخراً قتل الأبرياء في ساحة الاعتصام في السودان الشقيق، عدى ذلك فكل (القادة) المشاركين ينطبق عليهم المثل الشائع (كُلٍ يغني على ليلاه).
المحزن في المشهد أن هؤلاء (القادة) أحضرتهم السعودية من كل حدبٍ وصوب إلى جوار بيت الله الحرام بمكة المكرمة لتقول لهم بصوت مبحوح ومستغيث تضامنوا معي وعينوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأنها تدعم الشعب السوري والعراقي والمقاومة اللبنانية والفلسطينية واليمنية، وزادت في الكواليس تطالبهم بمساعي السيد/ مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي لإنجاح المؤتمر الاقتصادي التطبيعي مع العدو الصهيوني في المنامة عاصمة مملكة البحرين (العُظمى)، لكن السؤال الهام هنا، هل نجحت المملكة السعودية في تكميم أفواه (القادة العرب والمسلمون) بعدم النطق بمأساة الشعب اليمني الجريح، الإجابة نسبياً نعم لكنها في ذات الوقت لم تجبرهم بالسير خلفها لإدانة ايران والتشديد لحصارها وخنقها اقتصادياً وسياسياً.

هل تعمد (القادة العرب والمسلمون) في تلك الليالي المباركة من شهر رمضان الكريم إغفال أو تناسي إزهاق أروح و دماء اليمنيين التي بلغت مئات الآلاف على مدى أربعة سنوات وأشهر ثلاث، الم يتذكروا الحديث النبوي الشريف الذي يقول الآتي (لأن تهدم الكعبة حجرًا حجرًا، أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم")؟!.
الم تستطيعوا يا (قادة العرب والمسلمون) أن تذكِّروا حكام آل سعود حتى همساً أو إيماءةً بمحتوى الحديث النبوي الشريف، وهو الذي طلب منكم و ابنه الميمون MBS التضامن معهم ضد سبعة طائرات مسيرة فحسب وجهها الشعب اليمني إلى عصب الاقتصاد السعودي شركة أرامكو في التاسع من شهر رمضان 1440م؟!، وكنتم على الأقل ستقولون له أن الشعب اليمني عبر جيشه البطل ولجانه الشعبية المجاهدة قد حددوا 300 هدف عسكري واقتصادي حيوي مسبقاً، علماً بأن تكلفة صناعة الطائرة المسيرة الواحدة حوالي 500 دولار يصرف من عرق وجهد أبناء الشعب اليمني العظيم.

صحيح أن مُضيفيكم السعوديون أحرجوكم كثيراً حينما جعلوا مروركم في مطار جده الدولي أن يمر عبر ممشى يؤدي إلى معرض عام في الهواء الطلق مستعرضين فيه كما يدعون إنها للصواريخ البلاستيكية والطائرات المسيرة التابعة للجيش اليمني واللجان الشعبية وهي بطبيعة الحال كانت أداة فعالة في مقاومتنا بها لعنجهيتهم وصلفهم وغرورهم، هم طلبوا منكم التضامن والمؤازرة لكن مُعظم كلماتكم وخطاباتكم في الجلسة العلنية الوحيدة للمؤتمر لم تحقق طموح ورغبة الملك الذي غادركم إلى مخدعه قبل إتمام الوليمة التي تمت دعوتكم إليها، و شدّت انتباهي عدد من كلمات رؤساء الوفود التي ركّزت على أن فلسطين لازالت ضمن اهتمام (القادة المسلمون) لكنها تبقى عبارات رنانة فحسب، أما الدعم العسكري والمالي كما صرح بها قادة المقاومة الفلسطينية من حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية القيادة العامة وبقية فصائل المقاومة، جميعهم قالوا أن جمهورية إيران الإسلامية هي الجهة الوحيدة في عالمنا الإسلامي التي تمدهم بالمال والسلاح وهذا لعمري شرف باذخ تُحظى به الجمهورية الإيرانية الإسلامية شعباً وحكومة، والغريب في الأمر أن احد المتحدثين من (القادة) العرب أورد أرقام مفزعة عن حالة الأمة الإسلامية برمتها وقال أن معدل الفقر بلغ الـ 37% بين المسلمين، و 61 % من نازحي العالم هم من المسلمين، و أن 40% من مجموع المسلمين هم أميين، قد تكون هذه الأرقام صحيحة أو حتى مبالغ فيها وقد تكون أقل من معطيات الواقع، لكن السؤال الموجه له ولبقية (القادة المسلمين) أين تذهب وتصرف التريليونات وليست المليارات من الدولارات الأمريكية من أموال مجلس التعاون الخليجي؟؟؟!!!، الم تذهب إلى تمويل الحرب في اليمن وصرف عليها بحسب تقرير مجموعة الأزمات في جامعة هارفارد الأمريكية ومن المملكة العربية السعودية تحديداً ما يعادل 200 مليون دولار يومياً مُنذ بدء العدوان وحتى لحظة كتابة مقالنا هذا والقارئ اللبيب يحسبها، وبحسب تقرير السيد/ إدوارد سنودن أحد موظفي الاستخبارات الأمريكية المنشق عنهم، قال بأن ما صرف على العصابات المتطرفة الإرهابية في سوريا والعراق بلغ يومها 107 مليارات دولار بتمويل من المال الخليجي بطبيعة الحال، و أن دولة قطر وحدها وبلسان احد أمرائها دفع في سوريا وحدها 137 مليار دولار أمريكي، فالقائمة هنا ستكون طويلة إذا ما سردنا التمويلات المالية السخية في حروب عالمنا العربي، ففي الشقيقة ليبيا لازالت دول مجلس التعاون تمول القتال بين الفرقاء فيها وقبلها العراق وسوريا، وحالياً بدأ تمويل دورة الدم الرهيبة في السودان وربما الجزائر لاحقاً لا سمح الله، السؤال الافتراضي هنا لو سُخِّرتْ مُعظم تلك الأموال والإمكانيات التي تم توظيفها في الصراعات السياسية في عالمنا العربي لتحولت الشعوب الإسلامية قاطبة إلى مرحلة العيش في احدى الدول الإسكندنافية الجميلة أو بمستوى معيشة أصدقائنا في جمهورية ألمانيا الاتحادية، هذا ما يقوله الرأي العام في عالمنا الإسلامي من جاكرتا شرقاً وحتى طنجة ودكار غرباً، ولكن للأسف فإن (قادته) غافلون وربما مُنفِذون طيعون للمشروع الاستعماري الغربي الصهيوني، عدى الاستثناء منهم، والاستثناء في الغالب لا يقاس عليه، والله أعلم منا جميعاً.


المصدر: الميادين

ليست هناك تعليقات