نكسة 5 حزيران (الأخلاقية) على أعْرَاب الخليج (عام 2017م)/ ا.د. عبدالعزيز بن حبتور
المتابع العادي غير الاختصاصي بالشأن الخليجي يعرف تماماً حجم الخلافات العبثية (غير المنضبطة) التي نشبت بين كلٍ من إمارة قطر من جهة والمملكة السعودية ومشيخة الإمارات المتحدة ومعهما مملكة البحرين العُظمى من جهةٍ أخرى، تلك الخلافات التي تجري وتحدث تحت المظلة الأمريكية باعتبار تلك الممالك جزءاً من المشروع الغربي والأمريكي على وجه الدقة.
وأساس هذه الخلافات ليس جوهرياً بالمطلق لأن ما يجمع تلك الممالك والمشيخات أكثر مما يفرقها، فهي نُظم محكومة بالتشابه إنْ لم يكن بالتطابق، وتتميز بأنَّها نُظم حُكم ملكية عتيقة متوحشة في الجوهر (نُظم وراثية تقليدية لا تُعير للمواطنة ولا حقوق الإنسان ولا الحريات العامة لرعاياها ولا حقوقهم الدستورية أي اهتمام)، ولكنها في الشكل والمظهر الخارجي تبدو عصرية بامتياز؛ وللتدليل كمثال (انتشار غابات الأبنية الاسمنتية لناطحات السحاب، والتباهي بتراكم المولات وآخر صيحات الموضة والماركات التجارية العالمية)، وهي نُظم سياسية (صحراوية) محمية من قِبل المشروع الغربي الرأسمالي ومن حكومات الولايات المتحدة الأمريكية، ومُهمتها ضخ الدماء النفطية في شرايين الآلة الاقتصادية الغربية فحسب؛ وهُنا بيت القصيد في بقاء تلك النُظم السياسية قائمةً ومستقرة بظلال (الخيمة الأمريكية).
والخلافات بين إمارة قطر والسعودية غير تلك الخلافات مع الإمارات المتحدة وجزر البحرين، فكل دولة ولها خصوصيتها البالغة، على سبيل المثال لا توجد بين قطر والسعودية أية فوارق تُذكر:
لا في الجوهر ولا في شكل وطبيعة النظام السياسي (كلاهما نظام ملكي ثيوقراطي).
كلا النظامين يعتمد في تسيير شؤون بلده على أحكام الرأسمالية الاحتكارية البدائية (النظام الرأسمالي البدائي).
كلا النظامين يقع تحت (خيمة) المشروع الاستعماري الرأسمالي الغربي (فهما يعملان تحت المظلة الاستعمارية البريطانية بالأمس والأمريكية الإمبريالية اليوم).
ولا تُوجد أيّة اختلافات مذهبية فكلاهما ينتسب للجماعة الوهابية التي يقول منظرها المفكر/ محمد بن عبدالوهاب في العهد الموقع بينه وبين الأمير/ محمد بن سعود آل مقرن (الدم بالدم والهدم بالهدم).
وللتذكير بجذر العلاقة بين الفرقة الوهابية المتطرفة وبين آل مقرن نورد الواقعة التاريخية الآتية:
اشترط الأمير/ محمد بن سعود بن محمد آل مقرن على الشيخ / محمد بن عبدالوهاب شرطين هما:
أنْ لا يرجع عنه إنْ نصرهم اللّه ومكَّنهُم.
أنْ لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار.
فقال له محمد بن عبدالوهاب (أما الأول الدم بالدم والهدم بالهدم، وأما الثاني فلعل الله يفتح عليك الفتوحات وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج) *** (المرجع: ويكيبيديا، محمد بن عبدالوهاب)، لكن علينا الإشارة هُنا إلى أنَّ جوهر الخلافات بين العُربان الخليجيين أساسها وجودي، وحدودي قائم على طمس دول وإلغائها كُليَّاً من الخارطة السياسية، ومثال على ذلك:
تم اجتياح وغزو من قبل آل سعود على إراضي دولة الأشراف في مكة والمدينة عام 1342هـ.
تم اجتياح وغزو أراضي وحدود دولة الأدارسة في كُلٍّ من نجران وجيزان وعسير من قبل آل سعود عام 1934م.
غزو واحتلال أراضي الغير:
تم احتلال اجزاء من أراضي كلٍ من الكويت، العراق، الأردن، قطر، الإمارات وسلطنة عمان في تواريخ وأزمنة مختلفة.
تم الهجوم على الأراضي اليمنية عام 1972م ودارت معركة غير متكافئة بين الجيش السعودي وجيش جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وتم على إثرها استقطاع أجزاء من صحراء الشرورة والوديعة.
واستعراض الوقائع هنا ما هو إلاّ إبراز لجزءٍ من فلسفة وطبيعة الحكم في المملكة السعودية، وسياسة الأسر المالكة في دول مجلس التعاون الخليجي بمجملها.
وللتذكير، فإنّض السعودية ادَّعت بأنَّ قطر كلها هي جزءٌ من منطقة الأحساء السعودية، ولو لا تدخل بريطانيا العظمى في ذلك الزمان، والتي ضمنت حدود قطر، لكانت إمارة قطر اليوم في خبر كان، واقعة لا محالة ضمن الخارطة السياسية للمملكة السعودية.
إما الخِلاف بين قطر وجزر البحرين فبدأ بجذر الخلاف التقليدي بين العشائر العربية، وهو ما غدا النزاع الحدودي بين البلدين؛ إذ نشبت معارك دونكيشوتية بين الطرفين، وبعد تدخلات العديد من الأطراف الإقليمية والدولية تم إقناع البلدين باللجوء إلى التحكيم الدولي وتمَّ حسمها من محكمة العدل الدولية في لاهاي في شهر يوليو 1994م.
أما الخِلافات بين إمارة قطر ومشيخة الإمارات المتحدة فهي لا تعدو كونها خلافاً في البحث عن وَهمْ الهوية وسراب المشيخية المتميزة من خلال إظهار القوة المالية الباذخة والصرف الفاحش على مشاريع يتسابق فيها الشيوخ فاقدو الخبرة والمسؤولية بهدف التميز، أحدهم عن الآخر.
وكانت أبرز تجلياتها في إنشاء الإمبراطوريات الإعلامية التي تجاوزت وعاءها الاجتماعي والثقافي، بل إنَّها فاقت في انتشارها ما لدى الدول العظمى في عصرنا الراهن، وفي انشاء وتأسيس المراكز المالية العملاقة، متناسين أنَّ الثروة يخلقها العمل وليس ما يُجبى من الاقتصاد الرَّيعي النفطي الطفيلي، وفتح فروع لكل الشركات العالمية تقريباً في بلديهم، إلى درجة أنَّ المشاهد يقول لقد صممت الإمارتان كسوبر ماركت ضخم أو (أكبر مول في العالم) مفتوح للمنطقة والعالم، على غرار وجود المتاحف العالمية المفتوحة، مثالاً لا حصراً في مصر والعراق وسوريا واليمن أو مدينة روما أو مدينة سانت بيترس بورج، وربما مردَّ ذلك إلى إصابة هؤلاء الشيوخ بمرض مركب النقص العصري الذي أرادوا تعويضه بالبهرجة والإعلانات الهابطة.
لقد تابع العالم كله زلزال الخلاف بين الشركاء (الخليجيين) من على شاشات التلفاز وعبر كل وسائط التواصل الاجتماعي باستغرابٍ شديد، وبدا البعض من المراقبين مستغرباً لهذا التحول الدراماتيكي في العلاقة بين شركاء الأمس في مجلس التعاون الخليجي، هؤلاء المراقبون يخافون على مصير الشعوب الخليجية من أي مكروه لا سمح الله، كما قد شاهدوا مما حدث للشعوب العربية التي أغرقها الخليجيون بأموالهم ومؤامراتهم وغبائهم في الدمار والدماء والمآسي.
أما الفريق الآخر من المتابعين العرب وغير العرب، فقد فرحوا فرحاً شديداً بحدث الخلاف بين الخليجيين، ولسان حالهم يقول ذوقوا أيها (الخلايجة) من الكأس المُر الذي ذاقته الشعوب العربية بسبب قرارات حكامكم المريضة، أي أنهم بدوا (مُتشَفِّين) لما حدث من تصدع في جبهة (الأثرياء مالياً)، لكن الجميع يعجب مما حدث، لأنَّ الشركاء وإنْ تباينت وجهات نظرهم فإنَّ القواسم المشتركة بينهم والتي تجمعهم أكثر بكثير من نقاط خلافاتهم كما أسلفنا في بداية المقالة.
(الخبرية) التي زفتها إمبراطورياتهم الإعلامية (كقنوات العربية، الحدث، وسكّاي نيوز عربية) كانت مدوية، ومن خلال إعلان مقاطع من تصريحات الأمير تميم بن حَمد آل ثاني والتي يتهم فيها السعودية برعاية الاٍرهاب، وأنَّ ما يقال عن دولة إيران غير صحيح ويجب تطوير علاقات الجوار معها، وأنَّ حركة حماس ليست إرهابية ..... إلخ، من التصريح المنسوب للأمير الشاب تميم.
وبعد ساعاتٍ محدودة من ظهور الخبر ورد الفعل السريع من القنوات الإعلامية التابعة للسعودية والإمارات وتوابعها، نفت السلطات القطرية بشكلٍ رسمي الخبر واعتبرته نتاج قرصنة (عبر الهاكرز) على وكالة الأنباء الرسمية، وحاولت التنصل عن محتوى ومضمون الخبر كله.
هذه (الخبرية) كان يمكن لها أن تمر مرور الكرام وبشكل عابر يطويه سيل الأخبار المتوالية في كل دقيقة تقريباً، ويلفه النسيان لو كانت النوايا لدى الكل سليمة. لكن هذا الموضوع كان بمثابة الشرارة الأولى التي أحرقت تاريخاً طويلاً من العلاقات الأخوية الخليجية مُنذ أنْ تشكل مجلس التعاون الخليجي عام 1981م، وحتى من قبلها بقرون من التعايش على ضفاف الخليج العربي أو الفارسي كما تدعي إيران، وتاريخاً أعمق من (بوس اللحى) المنافقة بين الأشقاء، ومن التنافس والتناحر الخفي والمعلن الذي أخفته كثبان رمال الصحراء القاحلة لعقود من العلاقة الهشة التي أسسوا بها اتحادهم الخليجي الذي قام وتطور على أنقاض تآمرها المسموم ضد الشعوب العربية في كُلٍّ من العراق العظيم وسوريا العروبة وليبيا الثائرة ومصر الكنانة واليمن السعيد والجزائر التحررية وغيرها من البلدان العربية، هذا الاتحاد الخليجي الذي حباهم الله بخيرات كبيرة وظفوها للأسف ضد شعوب أمتنا العربية وضد السلم العالمي، وبطرق شتى.
إعلان الحرب الإعلامية والدبلوماسية والاقتصادية على قطر:
ففي صبيحة تاريخ 5 حزيران 2017م أعلنت كل من:
المملكة السعودية.
مشيخة الإمارات.
مملكة البحرين العُظمى.
جمهورية مصر العربية.
قطع علاقاتها السياسية والدبلوماسية مع إمارة قطر وقبلها بأسبوع ويزيد، شـنَّت الماكنة الإعلامية السعودية والإماراتية والمصرية هجومها الشرس وعلى مدار الساعة ضد إمارة قطر، متهمةً إيَّاها بدعم الاٍرهاب والإخوان المسلمين وحركة المقاومة الاسـلامية الفلسطينية (حماس)، ودعم إيران وحزب الله اللبناني وحركة أنصار الله (الحوثيين)، وصعَّدوا من حربهم على قطر إذ قاموا بإغلاق شامل للحدود البرية والجوية والبحرية وأنهوا ارتباط كل الشركات والمؤسسات التجارية والمالية، وحجبوا جميع القنوات والوسائل الإعلامية كشبكة الجزيرة الاخبارية، وبقية القنوات التلفزيونية القطرية الرسمية، وأغلقوا حتى فروع الجمعيات الخيرية، وأمهلوا البعثات الدبلوماسية أياماً معدودة للمغادرة، ومنحوا رعايا ومواطني إمارة قطر 16 يوماً فحسب لمغادرة كُلٍّ من السعودية والإمارات والبحرين، وطالبوا كل الدول العربية والإسلامية بأن تحذوا حذو السعودية والإمارات تحديداً لفعل الشيء ذاته ضد إمارة قطر ، ولهذا سارعت الدول الآتية:
جـزر المالديف.
جـزر موريشيوس.
جمهورية موريتانيا.
المملكة الأردنية الهاشمية خفضت مستوى التمثيل الدبلوماسي.
وحتى حكومة عبدربه منصور هادي المنتهية ولايته ومقرها الدائم في أحد فنادق الرياض بالسعودية سارعت لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إمارة قطر، مع العلم بأن إمارة قطر هي إحدى الدول المشاركة في شن الحرب العُدوانية على اليمن تحت شعار إعادة حكومة هادي (الشرعية) إلى الحكم في صنعاء، وكانت وربما لا تزال تصرف رواتب المرتزقة لعدد من الوزارات.
إعلان الحرب على قطر:
هل تتذكرون معي ماذا قال المرشح الجمهوري دونالد ترامب في حملته الانتخابية؟:
كانت تصريحات وخطابات المرشح الجمهوري/ دونالد ترامب مزعجة للعالم ولحكام مجلس التعاون الخليجي بالذات، لأنه كان يردد دون حياء ولا أدب وبكلمات فجة وأحياناً ساذجة تخلو من كياسة ولباقة السياسي الذي تتوزع أفكاره لجميع بلدان العالم عبر الأثير، ولكنه كراعي البقر (كاو بدوي) لا يتردد في قول أية كلمة تخطر على لسانه وإنْ كانت فظة أو جارحة، نتذكر معاً قوله الشهير:
ماذا يملك الخليجيون سوى المال وحده، إذاً عليهم أن يدفعوا تكاليف حمايتهم من قبلنا، أي من قبل قوات (المارينز الأمريكية)، بهذه اللهجة الهابطة يتحدث ويقنع الناخب الامريكي بذلك.
مُنذ أنْ أُعلنت نتائج القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض عاصمة مملكة السعودية في مايو 2017م والتي حضرها 50 دولة على مستوى التمثيل الرفيع من ملوك وأمراء ورؤساء جمهورية، ورؤساء وزراء، ووزراء خارجية، ومُنذ إنتهاء أعمالها ومغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحاشيته محملاً بنصر اقتصادي غير مسبوق، إذ وقَّع على عقود وصفقات عسكرية واقتصادية مع سلطات أسرة آل سعود بمبلغ فلكي تجاوز 460 مليار دولار، وعاد السيد/ دونالد ترامب وعائلته من الأراضي المقدسة محملاً بهدايا وعطايا شخصية يُقال أنها تجاوزت المليار دولار، هي عبارة عن:
حجر ألماس كبير يفوق سعره الـ 100 مليون دولار.
مسدس مصنوع من الذهب الخالص ونادر الوجود في العالم وعليه صورة الملك عبد العزيز وعمره 80 سنة.
تقديم سيف مصنوع من الذهب الخالص، وزنه يزيد عن 25 كلغ ذهباً مرصّعاً بالألماس والأحجار النادرة ويفوق ثمنه 200 مليون دولار.
كما تلقى وفد الرئيس هدية هي كناية عن 25 ساعة يد كلها من الألماس والذهب، له ولعائلته، ويقدّر ثمنها بحوالي 200 مليون دولار.
وتلقى الرئيس أكثر من 150 عباءة كلها مرصّعة بالأحجار الكريمة له ولعائلته، من كل القياسات.
كما تلقى الرئيس تمثالا مصغراً لتمثال للحرية في أميركا من الذهب والألماس والياقوت.
وتلقى الرئيس يختاً فخماً طوله 125 متر، هو أطول يخت في العالم لشخصية خاصة، ويضم 80 غرفة مع 20 جناحاً ملكياً وكل الأبواب ومقابض الأبواب والمغاسل كلها من الذهب الخالص ويبلغ ثمن اليخت 800 مليون دولار. ويمكن اعتبار ذلك، أكبر الهدايا التي تمنحها السعودية لرئيس أجنبي، خاصة لرئيس أميركي في تاريخ العلاقة السعودية– الأميركية، أو في تاريخ العلاقة السعودية مع دول العالم. هذه المعلومات تناقلتها معظم وسائل الإعلام وعبر شبكة التواصل الاجتماعي.
والمعروف أنَّ سير رحلة طائرة الرئاسة الأمريكية التي أقلَّت الرئيس/ دونالد ترامب وحاشيته، أقلعت من مطار الملك خالد الدولي بالرياض — إلى مطار بن جوريون الدولي بعاصمة دولة الاحتلال الصهيوني – تل ابيب، وفور وصوله للأرض المحتلة لم يمكث بالمطار سوى بضع ساعات (لزوم مراسم البرتوكول) وانطلق بعدها ليؤدي صلاة الواجب للمتصهينين بالعالم في المسجد الأقصى المبارك أمام حائط البراق المقدس لدى المسلمين عامة، و أسماه الصهاينة زوراً بـ (حائط المبكى)، الذي تم اغتصابه صبيحة الـ 5 حزيران 1967م، ولا تزال كل فلسطين ترزح تحت الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي وبدعمٍ مُباشر من حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المتواصل مُنذ ما يُقارب نصف قرنٍ من الزمان.
وهُنا يبرز التناقض العجيب في القول والممارسة بأنَّ (خادم الحرمين الشريفين) والمُكلَّف أدبياً بدعم المقاومة الفلسطينية لاسترداد الحقوق المغتصبة لكامل أرض فلسطين، نجده يستدير ويتراجع عن التزامه الأخلاقي والديني، وينسى فلسطين الطاهرة والأقصى الشريف ويتَّهم من يدعم الطلائع الفلسطينية المقاومة كحماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، بأنهم داعمون للإرهاب، هذا ما أعلنه الأخ/ عادل الجبير وزير خارجية أسرة آل سعود المالكة.
أما الأسباب المعلنة والتي أوردتها الحكومة السعودية عبر وكالة الأنباء السعودية، فهي:
ارتكاب قطر (انتهاكاتٍ جسيمة، سِـرَّاً وعَلناً، طـوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، والتحريض على الخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها الإخوان المسلمون، وداعش، والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها في شكل دائم)، في إشارةٍ إلى قناة الجزيرة.
دعم نشاطات (الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف من المملكة، وفي البحرين الشقيق).
تمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون إلى ضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التي تسعى إلى تأجيج الفتنة داخلياً.
دعم ومساندة (ميليشيات الحوثي الانقلابية حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن).
شـن (حملات وعمليات إرهابية مدعومة ضد البحرين).
أضاف الأخ عادل الجبير وزير خارجية السعودية في تصريحٍ له من باريس ومن عدد من العواصم الأوروبية، بأنَّ إمارة قطر تدعم حركة حماس الفلسطينية الإرهابية. ***** (المرجع / الخلاف بين قطر والدول الخليجية ودول أخرى بين المعلن والمخفي – مقال في الموقع الالكتروني لشبكة BBC بالعربية، بتاريخ 5 يونيو 2017م). وتبعتها كلٌ من الإمارات المتحدة وجمهورية مصر العربية ومملكة البحرين.
قائمة بالأسماء للشخصيات والمؤسسات المصنفة إرهابياً التي حددتهم كلٌّ من السعودية والإمارات ومصر والبحرين وصدرت بتاريخ 09 يونيو 2017م:
أسماء الأفراد:
خليفة محمد تركي السبيعي (قطري).
إبراهيم عيسى الحجي محمد الباكر (قطري).
عبدالعزيز بن خليفة العطية (قطري).
سالم حسن خليفة راشد الكواري (قطري).
عبدالله غانم مسلم الخوار (قطري).
سعد بن سعد محمد الكعبي (قطري).
عبداللطيف بن عبدالله الكواري (قطري).
محمد سعيد بن حلوان السقطري (قطري).
عبدالرحمن بن عمير النعيمي (قطري).
خليفة بن محمد الربان (قطري).
عبدالله بن خالد آل ثاني (قطري).
عبدالرحيم أحمد الحرام (قطري).
مبارك محمد العجي (قطري).
جابر بن ناصر المري (قطري).
محمد جاسم السليطي (قطري).
علي بن عبدالله السويدي (قطري).
هاشم صالح عبدالله العوضي (قطري).
حمد عبدالله الفطيس المري (قطري).
عبدالملك محمد يوسف عبدالسلام (أردني).
أشرف محمد يوسف عثمان عبدالسلام (أردني).
عبدالوهاب محمد عبدالرحمن الحميقاني (يمني).
حجاج بن فهد حجاج محمد العجمي (كويتي).
حامد عبدالله أحمد العلي (كويتي).
علي محمد محمد الصلابي (ليبي).
عبدالحكيم بلحاج (ليبي).
المهدي حاراتي (ليبي).
إسماعيل محمد محمد الصلابي (ليبي).
الصادق عبدالرحمن علي الغرياني (ليبي).
يوسف عبدالله القرضاوي (مصري).
محمد أحمد شوقي الإسلامبولي (مصري).
طارق عبدالموجود إبراهيم الزمر (مصري).
محمد عبدالمقصود محمد عفيفي (مصري).
محمد الصغير عبدالرحيم محمد (مصري).
وجدي عبدالحميد محمد غنيم (مصري).
أيمن أحمد عبدالغني حسنين (مصري).
عاصم عبدالماجد محمد ماضي (مصري).
يحيى عقيل سالمان عقيل (مصري).
محمد حمادة السيد إبراهيم (مصري).
عبدالرحمن محمد شكري عبدالرحمن (مصري).
حسين محمد رضا إبراهيم يوسف (مصري).
أحمد عبدالحافظ محمود عبدالهدى (مصري).
مسلم فؤاد طرفان (مصري).
أيمن محمود صادق رفعت (مصري).
محمد سعد عبدالنعيم أحمد (مصري).
محمد سعد عبدالمطلب عبده الرازقي (مصري).
أحمد فؤاد أحمد جاد بلتاجي (مصري).
أحمد رجب رجب سليمان (مصري).
كريم محمد محمد عبدالعزيز (مصري).
علي زكي محمد علي (مصري).
ناجي إبراهيم العزولي (مصري).
شحاتة فتحي حافظ محمد سليمان (مصري).
محمد محرم فهمي أبو زيد (مصري).
عمرو عبدالناصر عبدالحق عبدالباري (مصري).
علي حسن إبراهيم عبدالظاهر (مصري).
حسن أحمد حسن محمد الدقي الهوتي (إماراتي).
حاكم عبيسان الحميدي المطيري (سعودي).
عبدالله محمد سليمان المحيسني (سعودي).
مرتضى مجيد السندي (بحريني).
أحمد الحسن الدعسكي (بحريني).
المؤسسـات الخيرية:
مركز قطر للعمل التطوعي – قطر.
شركة دوحة أبل (شركة إنترنت ودعم تكنولوجي) – قطر.
قطر الخيرية – قطر.
مؤسسة الشيخ عيد آل ثاني الخيرية – قطر.
مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله للخدمات الإنسانية – قطر.
سرايا الدفاع عن بنغازي – ليبيا.
سرايا الأشـتر – البحرين.
ائتلاف 14 فبراير – البحرين.
سرايا المقاومة – البحرين.
حزب الله البحريني – البحرين.
سرايا المختار – البحرين.
حركة أحرار البحرين – البحرين.
وبطبيعة الحال لن نجادل في صحة أو عدم صحة ما قُدم في هذه القائمة أعلاه أو ما قُدم في قوائم أُخرى من أسماء لشخصيات أو مؤسسات، لكن القاصي والداني يعرف أنَّ هناك قائمةٌ طويلة من المتهمين عملت على تقويض الأمن والسلام العالمي والإقليمي والمحلي لم تظهر مع هؤلاء المتهمين، ولأنَّ خلف إبراز مثل تلك القوائم هدفاً وخطةً مرحلية وتكتيكية، إذاً لا يستطيع القارئ المهتم أنْ يجد (الصانع والمخطط) الحقيقي لإنتاج جريمة صناعة الاٍرهاب مُنذ أنْ تشكَّل جنيناً في مهده وحتى شبَّ وكَبِر، وتوفير الملاذات والحواضن الآمنة لنموه وتنمية موارده الإعلامية والمالية واللوجستية، وسنظل نقرأ ونسمع بين الحِين والآخر عن فُقاعات إعلامية عن الاٍرهاب ليس إلاّ.
الحرب المستمرة على اليمن منذ الـ 26 مارس 2015م هي أكبر جريمة إرهابية في تاريخ الحروب:
تعالوا نُبيِّن معاً سِيرة هذه الحكومات المُخْتَلِفةِ، والمتصارعة حديثاً، في واقعة الاعتداء على الشعب اليمني من خلال الآتي:
شَنّت المملكة السعودية الحرب على اليمن ومعها تحالف عدواني مكون من 17 دولة وبضمنها دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء سلطنة عُمان، دون أي مسوغ قانوني ولا أخلاقي ولا حتى في وجود هدف استراتيجي أو تكتيكي.
واشتركت جيوش ومرتزقة دول حلف العُدوان بمن فيهم مقاتلو تنظيم القاعدة وما يسمى بالدولة الإسلامية (داعش)، ومقاتلو الإخوان المسلمين والحراك الجنوبي المسـلح، وأصطفوا معاً في جبهةٍ عسكريةٍ عريضةٍ مُمتدة على طول الجبهات بعـدد 29 جبهة ونقطة تماس حربي مع الجيش اليمني واللجان الشعبية، وهناك أدلة كافية على اشتراكهم جميعاً ضد الجمهورية اليمنية بجيشها ولجانها الشعبية ومتطوعيها من الشعب اليمني.
عمل الكُل ومن ضمنهم إمارة قطر على التجييش الإعلامي الرخيص في محاولة لقلب الحقائق وتزوير المعلومات والوقائع ضد الشعب اليمني وكانت قنوات الجزيرة والعربية والحدث وسكّاي نيوز عربية في مقدمة طلائع العُدوان إعلامياً.
تم تسخير الإمكانيات المادية والمالية الهائلة لتوفير أحدث الأسلحة الغربية (أمريكية وأوروبية غربية) وتجهيزها بالذخائر المحرمة دولياً من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وحتى البرازيل لاستخدامها ضد الشعب اليمني في هذه الحرب غير المتكافئة بين حلف العُدوان واليمن ومع ذلك صمد اليمنيون عامين وثلاثة أشهر حتى كتابة هذه الأسطر.
تم تجييش (العلماء والوُعَّاظ والفقهاء وخطباء المساجد) من دول العُدوان في هذه الحرب القذرة، وحولوهم إلى مطبِّلين ومُهرَّجين، يتبارون عَلناً في الدجل والتدليس، ليقولوا بأن هذه الحرب الموجهة على اليمن هي حرب طائفية، واستغلوا منابر المساجد والأماكن المقدسة لتضليل البسطاء من عامة المسلمين، والقيام بالتحريض على إخوانهم اليمنيين الذين قال فيهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم الحديث النبوي الشهير:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ).
لم يشهد التاريخ الإقليمي أو العالمي أي حربٍ تشبه العُدوان على اليمن، للأسباب الآتية:
حارب الجميع الجمهوريّة اليمنية وكأنها بلاد (يتيمة) لا سند لها إلا اللّه وشعبها الصابر، ويبرر الأعداء والمتعاونون والمتعاطفون معهم بأنَّ الحرب شُنت ضد الإيرانيين الشيعة الاثنا عشرية، ويقاتلون ضد المجوس والروافض والانقلابيين من أجل إعادة (الشرعية) المزعومة والرئيس المنتهية ولايته قانوناً وتوافقاً وطنياً.
تم التعتيم إعلامياً على كل الجرائم التي تَحدُث يومياً من قتل وإزهاق للأرواح البريئة، وجرح لعشرات الآلاف من مواطني الجمهورية اليمنية.
حدث ويحدُث تدمير شامل ممنهج لمقدرات اليمن من مؤسسات اقتصادية وخدمية ومدنية وعسكرية وأمنية، دون أنْ تظهر في تقارير دولية رسمية للرأي العام العربي والأجنبي، والهدف إخفاء جريمة العُدوان بتواطؤٍ دُولي.
تم خنق المواطنين الأبرياء من خلال فرض الحصار الجائر جواً وبراً وبحراً في عمليةٍ إجراميةٍ عالميةٍ، غض الطرف عنها جميع قادة العالم (الحُر) والعالم (الإسلامي)، واعتبروها حرباً منسية، لا تهم البشرية وحضارتها الإنسانية في شيء.
وصل الأذى من عدوانهم اليوم على الشعب اليمني إلى أقصى مداه باجتياح الأمراض الكارثية كمرض الكوليرا وتزايد المصابين بأمراض العصر، مثال مرض ارتفاع ضغط الدم والسكر والفشل الكلوي، والتشوهات الخلقية التي أصابت الأجنة في أرحام أمهاتهم بسبب تعرضهم للإشعاعات السامة جرَّاء استخدام دول العُدوان للأسلحة التقليدية والمحرمة دولياً التي تُقذف يومياً على مدننا اليمنية وضواحيها وأريافها.
اقتراف عمل لا إنساني بحق الشعب اليمني من خلال ارتكاب جريمة التجويع الجماعي للشعب عبر إيقاف مرتبات ومعاشات المواطنين في المناطق الحُرة التي تقع تحت إدارة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، حيث يشكل السُكَّان في هذه المناطق ما نسبته 80% من عدد سُكَّان الجمهورية اليمنية، وذلك بسبب نقل مهام البنك المركزي اليمني إلى مدينة عدن وهي تُعد من المناطق الواقعة تحت الاحتلال السعودي الإماراتي، ودُول العالم صامتة أمام هذه الجريمة الجماعية.
نورد هنا أمثلةً صادمة على فجور الخلاف بين الحكام الأَعْرَاب، حينما يظهر الصراع إلى العلن:
أولاً: مُنحت مهلة زمنية لا تتجاوز 16 يوماً لكل مواطن قطري لمغادرة الأراضي السعودية ومشيخة الإمارات والبحرين، وإذا تأخر عن المغادرة سيعرض ذاته لجزاء القانون. تصوروا، هذه المهلة الزمنية التي لن تكفي حتى للنقل والانتقال لأسرة تريد أنْ تغير شقة سكنها بين شارع وآخر في محيط الحي الواحد، فكيف والأمر يتعلق بالانتقال من بلدٍ لآخر!!!.
ثانياً: أصدرت السلطات في الإمارات قراراً مُلزماً يقضي بأنَّ من يتعاطف مع قطر عليه أنْ يدفع غرامة مالية تصل إلى خمسمائة ألف درهم إماراتي ويسجن بين 5 سنوات إلى 15 سنة عقوبةً له.
ثالثاً: أصدرت السلطات السعودية قراراً مُلزماً لمن يتعاطف مع إمارة قطر بأنَّ عليه دفع غرامة 5 ملايين ريال سعودي، ويسجن بين 5 سنوات إلى 15 سنة عقوبةً له على تعاطفه أو تضامنه مع القطريين.
رابعاً: سيعرض نفسه للعقاب أي مواطن سعودي، أو مقيم، إذا فتح التلفاز على القناة التلفزيونية الجزيرة القطرية.
خامساً: تتوارد أخبار ولا في الخيال بأنَّ هُناك أُسر قطرية فُصلت إلى شطرين بسبب أنَّ الأب قطري والأم من البحرين، ومُنع الرضيع من الالتقاء بأمه بسبب اختلاف جنسيتها!. وهكذا هم (العربان) يوغلون في العداء بطريقةٍ مُقززة فيما بينهم. لكن إذا كان الخلاف مع دولة كالكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، فسيكون عندئذٍ خِلافاً حَضارياً بطبيعة الحال.
سادساً: نشرت وكالة سبوتنيك الإخبارية بتاريخ 16 يونيو 2017م، الخبر الغريب بشأن طلب السلطات الإمارتية من الفنانة أحلام وزوجها رجل الأعمال القطري/ مبارك الهاجري المغادرة في غضون 48 ساعة، بسبب تغريدة للهاجري تتضامن مع الأمير تميم آل ثاني. حزنت لقراءة هذا الخبر لأني من المتذوقين لبعض أغاني الفنانة الكبيرة أحلام؛ وحزنت أكثر لهبوط مستوى تسويق الخلافات بين أمراء النفط.
ما حدث شيء مُخيف ومرعب، وهو محاولة لإظهار الثقافة الاستئصالية ومرجعيتها (ثقافة الصحراء)، وربما غذى ذلك السلوك الجاف المستمد من البيئة المحيطة بتلك الأسر الحاكمة التدثر بالعَبَاءة الدينية المتشددة لمدرسة الجماعة الوهابية التكفيرية المتطرفة، وهي قائمةٌ على التعامل وفقاً لقاعدة (كسر العظم)، كما يقولون، أو تنفيذ المقولة: (يا قاتل، يا مقتول).
وهذه الحادثة تُذكِّرنا بروايات وأساطير شراسة القتال بين القبائل العربية الصحراوية ضد بعضهم البعض للاستحواذ على واحةٍ خضراء في عمق الصّحراء، أو في إحدى فيافي مراعي ماشية العشيرة، أو خِلافه، فإنَّ المنتصر منهم يحوّل جماعة المهزوم إلى غنيمة حرب، فيتحول أفرادها إلى عبيد ونساؤها إلى سبايا.
إذاً لم يغير مال النفط والغاز والبهرجة الإعلامية سلوك وثقافة الأَعْرَاب، وبقيت الشخصية البدوية الصحراوية مُحافظة على تلك الخصال والمزايا والسلوك مُنـذ قرون، والوقائع تدُل على قوة الطباع البدوية الصحراوية الجافة، وكأنَّ كُل تلك التعاليم الإنسانية التي حملتها لنا الأديان السماوية والوضعية لم تستطع التأثير على وعي وثقافة جيراننا الأَعْرَاب. أمَّا الحضارة التي يدَّعون بها، فما هي إلاّ فُقاعة صابون سرعان ما تتبخر في أول امتحانٍ لها.
تصوروا، حدث هذا ويحدث في غضون أيام بين حلف العُدوان على الأمة العربية!، ألم يتعلموا بعد من ثقافة اليمنيين التسامحية، بأنَّنا وبعد كل هذا الدمار والدموع والآلام والخسائر لم نمنع أحداً من المُختلفين معنا بالموقف السياسي من مشاهدة القنوات المعادية كالجزيرة والعربية والحدث وسكاي نيوز عربية وغيرها العشرات من الوسائل الإعلامية التي تكيل علينا ليل نهار بالأكاذيب والتسريبات المُضللة، ولم نمنع مسافراً من أنْ يلتحق بذويه في صف العُدوان من المرتزقة والمأجورين، وكُنَّا نصرف رواتب ومعاشات المواطنين من محافظة حجة إلى محافظة المهرة، ومن محافظة الجوف إلى محافظة سقطرى، بسواسية دون تمييز لا سياسي، ولا مناطقي، ولا طائفي ولا غيره.
الخلاصـة:
أولاً: القرار غير الصائب وغير المدروس لتوظيف المال الخليجي في تدمير اليمن السعيد، وتحويل اليمن كُل اليمن إلى بنك أهداف عسكرية على مدى عامين وثلاثة أشهر، وكُل دول الخليج الأَعْرَابي كانت شريكة خلالها في قتل اليمنيين، عدا سَلطنة عُمان حماها الله، أنتج هذه الحرب المنسـية بشـراكة الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبـا الغربية، والتي بسببها توسعت الرقعة الجغرافية للتنظيمات الإرهابية مثل (القاعدة، وداعش، والتنظيمات الشبيهة بها). أما قصة الخلاف بين اليمن ودول الخليج، فهي تاريخية وستظل قائمة إلى يوم الدين، لأنَّه تناقض مصالح، بدأت من التاريخ وستستمر في الجغرافيا كون دافعها هو الأطماع. لكن اليمن ستظل هي اليمن التي انطلقت في مسيرتها الخالدة مُنذ أنْ شُيَّدت حضارات سبأ وحِمْيَر وأوسان وحضرموت وقتبان ومعين واليزنيين، واستمرت في عطائها الإنساني مَدداً للمسلمين في جميع الفتوحات الإسلامية حتى وصل أجدادنا إلى الهند والصين شرقاً وإلى الأندلس غرباً. هذا هو التاريخ المجيد لمن أراد أنْ يفهم، وعليه أنْ يقرأ جيداً أنَّ المال والثروة المادية وحدها لا تصنع أية حضارة، وأنَّ البقاء في سُدة الحكم بحماية أجنبية لا يدوم طويلاً، وأنَّ المستقبل يتشكل بالتدريج من تراث الماضي وإرث الحاضر ليولد العملاق القادم، وهو: اليمن العظيم.
ثانياً: الدولة الصناعية المتقدمة (الحضارة الغربية) لا تعيش إلاّ على المال وحده، بغض النظر من أين يكون مصدره أو من أية جهة كان، ولا يهمها إنْ كان دافع المال دولةٍ بُوليسية أو دكتاتورية، أو دولةٍ تحكمها نُظم آتية من الدولة العشائرية ما قبل زمن الفلاسفة سقراط وأفلاطون وفيثاغورث، وحتى ما قبل الديانة الإسلامية، المهم المال المال المال. وكانت (الغزوة الترامبية) الأخيرة برفقة الحاشية الأمريكية إلى مضارب بني سعود النجدية، خير دليل على انهزام وسقوط قِيم ومُثُل (الدولة الحرة الليبرالية الغربية) التي بشَّر بها الرأسماليون الأوائل. لقد سقطت تلك القِيم أمام غنائم مردود الغزوة، ولم يعد أحد يتحدث عن، وحول، مصطلحاتٍ برَّاقةٍ كحقوق الإنسان لا في السعودية ولا في العالم، ولا عن حقوق المظلومين في العالم وأولهم الشعب الفلسطيني، ولا عن حقوق المرأة، ولا.. ولا.. ولا. المصالح المادية النقدية وحدها هي ما يقرر قيمة الإنسان في هذه الدول!!!.
ثالثاً: ضرورة التنبؤ بحدوث حربٍ شاملةٍ في الجزيرة العربية ستستمر لزمنٍ ما، قد تؤثر على الاستقرار العالمي اقتصادياً واستراتيجياً، وبعدها تأتي إعادة ترسيم الحدود مرةٍ أخرى بين أعْرَاب الجزيرة واليمن وعُمان، ولعلَّها بعد ذلك تستقر الأمور وفقاً لاتفاقات دولية مُلزمة.
هنا نتوقف، لعل الأَعْرَاب — وهم الأشد كُفراً ونِفاقاً — يتعلمون من حقائق معطيات الواقع كما هو، واللّهُ أعْلَمُ مِنَّا جَمِيعاً.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾
المصدر: كتاب اليمن في مواجهة عاصفة الحزم (المجلد الثالث)
أضف تعليق