شعار "الدم بالدم والهدم بالهدم" إلى أين سيقود العالم؟/ ا.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
يتساوى هذا الشعارُ العُنصري كغيره من الشعارات التي قِيلَتْ في أزمنةٍ مختلفة في هذا العالم بهدف الاستحواذ على السلطة سوى كانت دينية أو دنيوية، وللوصول إليها بأية أسلوب ووسيلة لكي يتم التأثير بواسطتها على إدارة موازين أدوات الحُكمِ والسُّلطة في وقتٍ لاحق على شعوب المنطقة وربما الشعوب حول العالم، وهي ليست المرَّة الأولى ولن تكون الأخيرة في رفع مثل تلك الشعارات، فقبل عدة قرون جاءت الكنيسة الكاثوليكية بشعارات (محكمة التفتيش) وتحاكم المُخْتَلِفين معها بالدّينْ والمذهب، وبعدها جاء (الفوهرر أدولف هتلر) ليرفع شعار (ألمانيا فوق الجميع، والجنس الآري أنقى الأجناس)، وجاء من بعدهم قادة الحركة الصهيونية ليرفعوا شعار (عُدنا إلى أرض الميعاد ووجدنا فلسطين) بأنها (أرض بلا شعب وشعب بلا وطن)، ليحتلوا بعد ذلك أرض فلسطين كُلَّها، ويطردوا أهلنا الفلسطينيين أهل الأرض الحقيقين، وهكذا في كل زمن سيرتفعُ شِعَاراً ما ليجمع حوله المريدين والطلاب والمناضلين والمقاتلين وقُطَّاع الطُرق.
وللتذكير بأن شعار (الدم) كان نتاج تحالُفٍ سُلطويٍ بين الأمير محمد بن سعود بن جلوي - مؤسس الدولة السعودية الأولى - وبين رجل الدين المتعصب محمد بن عبدالوهاب، واتفاقهم لإقامة تحالف دوله قائمٌ على مبدأ الغزو لأراضي الغير والنهبٌ للمشيخات والدويلات المحيطة بنجد، ولكن هذا الحلف يَتَدثَّر بغطاء (إسلامي) مُتشدِّد لدواعي ومستلزمات السلطة والحفاظ عليها لأطول مدةٍ.
سيرة التاريخ الإنساني تحكي قصص وروايات لا عدَّ ولا حصر لها بشـأن الصراع والبحث عن بريق السلطة وامتيازاتها، ورفع شعارات سياسية سُلطوية برَّاقة مُغلَّفة بشعاراتٍ دينية، وقومية، وحتى إنسانية، لكن جوهر الأمر لا يعدوا كَونَهُ طريقاً للوصول إلى الاستحواذ على جميع أدوات السلطة ومفاتنها ، وهذه هي خُلاصة الجري واللهث للوصول إلى السلطة.
وأصحابنا النجديين القادمين من عُمق الصحراء لم يَشٍذُّوا عن هذه القاعدة ورُبَّما أضافوا لها نكهة الغُلُوِّ والتشدُّد للبحث عن مغانم السلطة ومفاتنها، وقدَّموا في سبيل ذلك المال والدماء والأرواح، وكانت النماذج الناتجة عن هذا السلوك الفكري إنْ سَمَّيْناهُ مجازاً (فكر)، كانت نتائجه بروز حركات متطرفة مثل (تنظيم القاعدة وما يسمى بالدولة الاسلامية داعش وحركة طالبان الأفغانية، وتنظيم بوكو حرام النيجيرية، وتنظيم أبو سيَّاف وغيرها من الحركات المتطرفة والإرهابية).
ما هو الأساس النظري والفكري لهذه الحركات؟:
تقول الرواية أنَّ محمد بن عبدالوهاب حينما كان في رحلة إلى العراق شـاهد أن هناك من البِدَع ما يوجب ايقافها على سبيل المثال لا الحصر: زيارة أضرحة أولياء الله الصالحين والقبور والشواهد، وفي نظره بأنَّ هذه بدعة في الإسلام ومَنْ سَنَّ أيَّة بِدْعةً فهو في النار خالداً، ولهذا أَلَّف كتابه المشهور (كتاب التوحيد)، وحشد فيه ما حشد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ربما كانت في بعضها من الأحاديث الضعيفة، وحشد فيها أيضاً من أفكار المجتهد الإمام أحمد بن حَنْبَل وابن تيمية وابن القيِّم، وغيرهم من ذوي التوجه الكاثوليكي في الإسلام، وتناسى أن هناك أربعة مذاهب في الاجتهاد السُنِّي وحده بالإضافة إلى اجتهاد مذاهب شيعة علي بن ابي طالب كرّم الله وجهه، والمدارس الصوفية، و إنَّ مُجرد التفكير بحشر المسلمين بالقوة بواسطة أساليب الإكراه (المذهبي) هي محاولةٌ صريحة تتناقض مع الآيات القرآنية التي توصي بحق الاجتهاد بالإسلام من جهة، وكذا في احترام الغير وإنْ كانوا مخالفين لنا بالدين والمذهب برُمَّتِهِ.
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)ﱠ الكافرون: 1-6
أورد إلينا سيرة التاريخ حكاية غزوات (جيش فتح آل سعود) حينما غزت أراضي الأدارسة اليمنيين والأشراف الهاشميين في الحجـاز، واليمنيين في تهامـة والصحراء والعمانيين، وغيرها من المدن العربية المسلمة، تراهم يقومون في أثناء الاجتياح بالنهب والسلب والتنكيل بالغير، وبعدها التعدِّي على حُرمات ومقدَّسات مساجد المسلمين من بقية المذاهب الإسلامية الأخرى في الجزيرة العربية، وتنقل لنا سيرتهم قصص مُخزية ومُخيفة حينما كانوا ينبُشُونَ قبور وأضرحـة الأنبياء، وأولياء الله الصالحين، والمجتهدين، وبعض سُلالات الهاشميين من أحفاد رسول الله محمد – عليه الصلاة والسلام، وتدمير الآثار التاريخية والإرث الإنساني العالمي الكبير، وتبعهم في هذا السلوك الشاذ والمنهج التدميري اتباعهم من ما يُسمّوا (تنظيم القاعدة وداعش وأنصار الشريعة وطالبان الأفغانية)، وما حدث من تدميرٍ بشع ومُحزِنْ لكل ذلك التراث الإنساني العالمي في كلٍ من العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، وأفغانستان، خير شاهدٍ على خطورة هذه الفِرقة في الإسلام التي أنتجت مجموعة من الناس مُعادية لكل هذا التراث العظيم للبشرية كلها، ولكُلِّ فِرَقْ الإسلام الأُخرى التي لا يستطيع أي إنسانٍ رشيدٍ إلاّ أنْ يُقِرَّ بالتعدُّدِ الفقهي والمذهبي.
أتذكر حدثين مهمين في سياق تاريخنا اليمني المعاصر بأنَّه وبعد دحـر الانفصال في 07/07/1994م، وهزيمة الجناح الانفصالي في قيادة الحزب الاشتراكي اليمني، جاءت فِرَقْ وجماعات مُسلَّحة مُتطرِفة إلى مدينة عدن تُصاحب جيش الشرعية، واتجهت مباشرةً إلى أضرحة أولياء اللّه الصالحين في عدن ولحج، وقامت بتدميرها ونبش رفاتها الطاهر الشريف، مثال نبش ضريح العلامة الهاشمي الواقع في مسجده التاريخي وفي قلب ضاحية الشيخ عثمان بمدينة عدن، ومسجد ورفاة الولي العراقي ومحاولة التطاول على مسجد العيدروس بضاحية كريتر والعديد غيرهم.
تكرر المشهد بعنفوانٍ أكبر وبضراوةٍ أشد في الحرب العُدوانية الحالية، حينما اجتاح الغُزاة البرابرة مدينة عدن وضواحيها في نهاية يونيو ومطلع يوليو عام 2015م، وهو الاحتلال المباشر من قبل قوات سعودية وإماراتية بمصاحبة مليشيات الجنجاويد السودانيين وقوات الشركة الأمريكية الأمنية (بلاك ووتر Black Water) والتي تِظُم مرتزقةً من إسرائيل، وأستراليا، وأمريكا، وبريطانيا ومن شتَّى بِقاع الأرض، وكان بصُحبتِهم قُوَّات من تنظيمي القاعدة وداعش ومجموعات سلفية وإخوانية مُتشددةٍ، هذه الجماعات الأخيرة ذات النمط الإسلاموي، هُم مَن أتجه لهدم الأضرحة والمزارات والمساجد والكنائس وغيرها في كلٍ مِنْ عدن ولحج وأبين وتعز، بالإضافة إلى ذلك فقد نبشوا قبوراً وأضرحة ومراقد تزيد في عمرها عن 400عام في منطقة الصراري بتعز، ومدينة تعز العاصمة، والأمثلة عديدة في هذا المجال.
الخلاصة:
كل فكرةٍ في الوجود ولها جذر، وكل ممارسةٍ من ممارسات الناس ولها اساس ومرجع نظري، والتطرف الذي نشاهده هُنا وهُناك ومن خلال التتبع بان جذره من كتابات واجتهادات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إذاً هو الخميرة الأولى التي أنتجت كل هذا الهَوَسْ لمجموعة المتطرفين بالعالم.
الأخطر من ذلك ليس في الفكرة وحدها، بل في حجم التمويل الهائل الذي يغذِّيها ويجعلها فكرة قابلة للتوزيع والانتشار من خلال تأسيس سِلسلة المدارس والجمعيات وحتى المساجد من أقصى مدن قارة أستراليا شرقاً، مروراً بالعالم الاسلامي وأوروبا، وصولاً إلى مدن كندا والولايات المتحدة الأمريكية ومدن قارة أمريكا اللاتينية غرباً.
هذا الانتشار والتوسُع الكبير ليس مَرَدَّهُ جاذبية الفكرة ورونقها للشباب، لا، بل هو الإغراء الصادر عن التمويل السخي لمثل تلك الجمعيات والتجمعات، والتي تحولت في العديد من تلك البلدان إلى أشبه بالقنابل الموقوتة.
وللتدليل على سخاء العطايا لتمويل كل ذلك النشاط، نُورِدُ الآتي:
اتّهمت الخزانة الامريكية بضلوع إمارة قطر بصرف 64 مليار دولار للحركات والانشطة الإرهابية بِدءَاً من العام 2011م وحتى العام 2017م، وهذا رقمٌ محترم يمكن أن يُوظف لتأسيس وتمويل آلاف الخلايا الإرهابية.
نُشرت وسائل الإعلام العالمية المختلفة بأنَّ مشيخة الإمارات العربية المتحدة وحدها مَوَّلتْ شراء 23 ألف سيارة ذات الدفع الرباعي لتنظم داعش في كلٍ من العراق وسوريا، وهذه لوحدها تعد جناية ضد الإنسانية يُحاسـب عليها القانون الدولي متى ما قرر العالم تفعيل بنود القانون الإنساني الدولي.
ذات الوسائل الإعلامية نشرت بأن إمارة قطر مَوَّلتْ شراء 22 ألف سيارة ذات الدفع الرباعي لذات التنظيم في كلٍ من سوريا والعراق، وهذه تهمة إضافية للإمارة بأنها داعمة فاعلة للإرهاب.
ذكرت وسائل إعلامية أنه في شهر أبريل نيسان 2017م أنَّ إمارة قطر دفعت نحو مليار دولار ما يساوي (790مليون جنيه إسترليني) كفدية إلى فصيل من فصائل تنظيم القاعدة قاموا بخطف 26 شخصاً من مواطني إمارة قطر وبضمنهم عدد من الأسرة المالكة القطرية في جنوب العراق عام 2015م.
مَوَّلتْ جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء سلطنة عُمان الحرب العُدوانية على اليمن مُنذ 26 مارس 2015م وحتى لحظة كتابة هذه الأسطر، كما مَوَّلتْ جميع التنظيمات الإرهابية المتواجدة في اليمن، التي اشتركت في جميع جبهات القتال جنباً إلى جنب مع وحدات عسكرية خليجية ووحدات أجنبية مُمَوَّلة من الخليجيين، وتُقَّدر التكاليف المادية الأُولى لهذا العُدوان على اليمن أكـثر من نصف ترليون دولار، وتسببت بأذىً بالغ وجرحاً عميقاً للكرامة الوطنية الجمعية للشعب اليمني، لن تمحوا آثارها السنين مهما تكون المعالجات القادمة، بعد انتهاء العُدوان ورفع الحصار.
إذا كانت إمارة قطر ومشيخة الإمارات المتحدة قد مَوَّلتْ الإرهاب بأنواعه بهذا السخاء الفاحش، فكيف لو كُشف النقاب عن الحسابات والأرصدة السعودية التي ذهبت في هذا المصرف، الأمر هنا سيكون محرج كثيراً للسعودية والداعم الأهم لها بالعالم وهي حكومات الولايات المتحدة الأمريكية!.
خلق بيئة اجتماعية حاضنة لهذا الفكر المتُشدِّد، ليس ادل على ذلك لانتشـار الفكر بتطبيقاتها الوحشية في المناطق الفقيرة والتجمعات القَبَليَّة التي تشعر بالتهميش وبالغبن الاجتماعي، ويأتي تناميه وازدهاره في أثناء ضعف أذرع أجهزة الدولة ومؤسساتها من خلال خلق مشاريع إعلامية وجماهيرية وتمردية، ومثال على تلك الحالة هو ما سُمّي (بالربيع العربي عام 2011م) الذي من خلاله تمزَّقت معظم أجزاء الوطن العربي.
هُناك مقولة شائعة في الفكر السياسي اليساري تقول: (أنَّ أقصى اليمين المتطرف يلتقي مع أقصى اليسار المتطرف)، تصوروا في زمننا الحالي هناك محاولة لقلب الحقائق والوقائع في قضية العرب المركزية وهي احتلال الأراضي الفلسطينية من قبل الدولة الصهيونية الإسرائيلية، ويبرز الآن نشاط محموم من المملكة السعودية بالتمهيد للتطبيع السياسي والاقتصادي، والأمني، وحتى الشعبي لو أمكن لهم ذلك مع هذا الكيان الصهيوني الغاصب، ومحاولة تجريم وشيطنة المقاومة العربية والإسلامية وإبعادها من محور المقاومة، وقد طُلب من إمارة قطر قطع دعمها لحزب اللّه في لبنان، وحركة أنصار اللّه الحوثيين في اليمن، وحركة حماس وحركة الجهاد الإسـلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية في فلسطين، ألم يحقق السعوديين مقولة اليساريين بأنَّ (التطرف شبيه بعضه)، وأنَّ خادم الحرمين الشريفين اليوم يلتقي ويُطبِّـع العلاقات مع مُغتصب القدس الشريف والمسـجد الأقصى المبارك، وهي القِبلة الأولى لعموم المسلمين، وبما تحمله كل هذه الهالة الربَّانية والرمزية والخصوصية لهذه الأمكنة المقدسة لدى العرب وعموم المسلمين!!!.
تُبرز لنا اتفاقية (عهد الدم) بين الشيخ محمد بن عبدالوهاب (1703م – 1793م) والسلطان محمد بن سعود بن محمد آل مقرن (1710م – 1765م)، بأنَّ أساس الاتفاق نفعي براجماتي في الجوهر، وأنَّ العامة من البسطاء تُغريهم الناحية المادية المالية، وبذلك ستكون هذه الفكرة خطوة خطيرة بالحاضر والمستقبل مع بروز هيمنة التأثير من سطوة النفط والغاز ومشتقاتها.
تبرز تجليات ونتائج تزاوج السلطة السياسية بالدّين والثروة إلى انعكاسات ذات طابع تاريخي للفكرة ويُفْضِيْ إلى ما هو خطير على الأُمَّة ويُوحي للقارئ الفطن بأنَّ أمر التطبيع مع هذا الكيان الغاصب قادم وبوتيرة سريعة للأسباب الآتية:
أولاً: طبيعة تشكُّلْ نظام الحكم الوراثي وفلسـفته قائم على المصلحة المادية وحدها – من خلال جباية الخراج – وأنَّ الدّينَ أو المذهب ما هو إلا غطاء شكلي ليس إلاّ.
ثانياً: أوردت الوثائق التاريخية بأنَّ هناك اتفاق تاريخي سرِّي جرى في نهاية العشرينات من القرن العشـرون بين الملك المؤسس للدولة السعودية الثالثة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، حينما زاره السيد/ بيرسي كوكس عضو مجلس اللوردات البريطاني وعقدوا صفقة سرية تعهدت بموجبها الحكومة البريطانية بمساعدة الأمير الطامح على توسيع حدود السلطنة السعودية ودعمه مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً في قادم الأيام، مقابل تعهد الأمير عبدالعزيز آل سعود كتابياً بقبول إنشاء الدولة اليهودية على أجزاء من أرض فلسطين، ووافق الأمير وكتب بخط يده التزاماً واضحاً بذلك، وهذه الوثائق موجودة في مكتبات عواصم عربية وأوروبية تم الإفراج عنها من قبل السلطات البريطانية المسؤولة عن الوثائق عام 1953م.
ثالثاً: كان يمكن للتطبيع أن يبقى لفترة من الزمن بعيداً عن الأضواء ومن تحت الطاولة كما يقولون، إلاّ أنَّ الضرورات الموضوعية المتسارعة لترتيب البيت الداخلي العائلي السعودي لتثبيت المُلك والجاه والسلطان في سلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز وأبنائه وأحفاده، واحتياجه الكُلِّي لدعم الإدارة الأمريكية لِضَمان ذلك الترتيب والحفاظ على مُلْكِ المملكة السعودية متواصل في أُسرةٍ واحدةٍ هي أُسـرة سلمان بن عبدالعزيز، ولاعتقاد وقناعة جميع ممالك الخليج الأعّرَابي بأنَّ الحُكم يَثْبُتْ من واشنطن فحسب وبمباركة صهيونية، جرى كل ما جرى في السِّر والعَلن من هرولة للتطبيع بين السعودية والعدو الإسرائيلي، من خلال التخطيط والتمهيد لتصفية القضية الفلسطينية، كان ذلك جلياً في شيطنة وتجريم المقاومة الفلسطينية وتحويل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، وحركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها من حركات المقاومة الفلسطينية إلى (منظماتٍ إرهابية)، وكذلك وضع حزب اللّه اللبناني في قائمة الإرهاب، أليست كل تلك المؤشرات دالة على حث الخُطى نحو نهج التطبيع مع العدو الصهيوني!!!.
لم يعُدْ خافياً على العديد من مراكز البحث العلمي لصُنع القرار في الغرب بأنَّ جذور الإرهاب ينمو في البيئة الحاضنة لها، وهي الفِكر والممارسة للجماعات التكفيرية الوهابية المتطرفة، وأصبح مُتَّخِذي القرار في الطبقة السياسية الغربية مُدركين ذلك الخطر، لكن لعابهم يسيل على مصادر عوائد النفط والغاز القادمة من بلدان الخليج العربي، كي يُعالِجوا حجم التحدَّيات الاقتصادية في أسواق بُلدانهم، هكذا هي نواميس القوانين الرأسمالية وستستمر إلى أنْ يأتي البديل الذي يوائم بين المصلحة المادية والقِيَمْ والمُثل الإنسانية، واللّه أعْلَمُ مِنَّا جَمِيعاً.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾
المصدر: اليمن في مواجهة عاصفة الحزم ( المجلد الثالث)
أضف تعليق