ذ كريات....سيئؤن زهرة المدائن الحضرمية| ✍🏾 عبد الله راشد مسرور - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

ذ كريات....سيئؤن زهرة المدائن الحضرمية| ✍🏾 عبد الله راشد مسرور


نشرت صحيفة الايام في احد أعددها بداية عام 1998 م أعلانا عن طلب متقدمين لشغل وظيفة مدير تنمية المشروعات الصغيرة والاصغر في مشروع التنمية الريفية في المحافظات الجنوبية الذي مقره الرئيسي بسيئون بوادي حضرموت وقد قدمت عرضي للشغل الوظيفة للمنافسة مع ثلاثين متقدما من كافة محافظات الجمهورية اليمنية وقد كانت المنافسة شديدة بين المتقدمين وقد فزت بتلك الوظيفة بسبب ميزة تنافسية عن الاخرين تمثلث في حصولي على شهادة تدريبية في مجال تنمية المشروعات الصغيرة في مدينة حيدر أباد بالهند لمدة اربعة شهور في عام 1986 م اضافة الى المؤهلات الاخرى المطلوبة لشغل تلك الوظيفة ...... مما مكنني من العيش والاستقرار بمعية الطاقم الاداري للمشروع بقيادة الزميل المرحوم / محمد عيدروس علي خلال عمر المشروع من 2006- 1998 م في سيئون المقر الرئيسي لادارة مشروع التنمية الريفية في المحافظات الجنوبية الذي قام باعمال تنموية مختلفة في أربع محافظات جنوبية ( حضرموت وشبوة وابين ولحج )

خلال عملي السابق بمدينة المكلا في الفترة من عام 1986 - 1978 م تعرفت على المعالم العامة لمدينة سيئون من خلال زيارات العمل المتكررة مثل قصر سيئون و بساتين حي القرن وسوق الحرف و سوق الحنضل وحديقة سيئون وغيرها من المعالم الشهيرة للمدينة لكن أستقراري الاخير في مدينة سيئون مكنني من الغوص في أعماقها المليئة بالدرر والكنوز ...... فهي بحق زهرة المدائن الحضرمية التي تبهرك بجمالها وبساطة أهلها ورقيهم العلمي و الاخلاقي و محافظتهم على أصالتهم الحضارية الموغلة في التاريخ وسماحة وطيبة اهلها التي لم تدنسها موجات الغزو الفكري والموضات الخارجية المقرفة فهي تتميز عن غيرها من المدن اليمنية بكونها محافظة على أصالة الريف و عاداته الاجتماعية و ادوات العمل المختلفة في الفلاحة والحرف اليدوية و مستلزمات العيش الاخرى كما حافظ اهلها على صفات الشهامة والكرم والنخوة والشجاعة المستمدة من حياة ومعيشة العرب الاصيلة في البدو والصحراء ..... سيئون مدينة لا تشبهها أي مدينة يمنية اخرى فهي جمعت بين مميزات الريف الاصيلة و رفاهية المدن الحديثة مما يغري كل زائر لها بطيب الاقامة فيها و الاستقرار بها والتمتع بنعيمها ومجاورة اهلها الكرام .....سيئون مدينة معاصرة من حيث كثرة السكان وتعدد الاسواق وانتشار وتوفر الخدمات العامة و وسائل الترفيه والرفاهية وتوفر المراكز العلمية و الصحية وغيرها من مظاهر التمدن لكنها ايضا تشعرك باجواء الريف ببساطة أهلها و انغماسهم في اعمال الفلاحة المبكرة بسقي الارض والحراثة والعناية باشجار نخيل التمور وخلايا نحل العسل حتى انها المدينة الوحيدة التي يتواجد فيها مركز علمي للنخيل واخر للنحل العسل يتبعان جامعة حضرموت فهي بحق مركز الريف كما انها مركز التمدن الحضاري الحديث بالوادي والصحراء فهي جمعت بين معاصرة فضائل المدينة و أصالة فضائل الريف بشكل مدهش وعجيب..... مميزاتها كثيرة لكني ساذكر بعض ما أستقر في ذاكرتي منها وهي كما يلي :-
# ترسخ ثقافة العابها الشعبية التاريخية في احتفالاتها المختلفة مثل المناسبات الدينية والوطنية والزواج وغيرها من مظاهر الفرح حيث تسود العاب الشبواني والزربادي وغيرها فهي بحق متحف للموروث الثقافي التاريخي الشعبي
# تاثر اسلوب معيشتهم اليومية بالمهجر الاندنوسي من حيث تنوع الماكولات الشهية وطريقة تناولها فهم مثلا لاياكلون في صحن الرز المشترك بل ان لكل واحد صحن صغير خاص به يغترف له من الصحن الكبير حسب حاجته علاوة على طريقة تحضير الشاهي وجلسات الحنضل وغيرها
# خلو مركز المدينة بعد الظهر من تجمع سكانها الاصليين حيث تنتشر المقاهي الشعبية التي يرتادها سكانها الاصليون في الحارات المختلفة ذات الاجواء المفتوحة فمثلا كانت مقهاية فهمي العامري على حافة شارع الجزائر من نصيبي مع زملائي في الدراسة الجامعية وهكذا لكل مجموعة متجانسه مقاهيتهم الخاصة خارج مركز المدينة للسمر بعد المغرب
# أخلاق اهل سيئون الفاضلة وعاداتهم الاصيلة وتدينهم السمح حتى ملابسهم التقليدية راسخة في نفوسهم و لم تتاثر بموجات الافكار والايدلوجيات المستوردة وتبرز تلك الظاهرة في التعامل اليومي بينهم ويتجلى ذالك في شهر رمضان بشكل بارز من حيث الوجبات الجماعية والزيارات بين الاهل بعد صلاة التراويح التي تمتد في مساجدها المختلفة من بعد العشاء حتى صلاة الصبح فلكل مسجد فيها توقيت خاص به بالتراويح وصلاة قيام الليل
سيئون المدينة الجنوبية الوحيدة التي تمنيت الاقامة الدائمة بها.... فهي الى جانب صفاتها المميزة عن غيرها من المدن الجنوبية تعرفت فيها على العديد من اهلها الطيبين من كافة الاعمار والشرائح المجتمعية و الذين أحاطوني برعايتهم وبكرمهم ونبل اخلاقهم ومشاركتهم العيش في منازلهم وهم كثر لا أستطيع أحصائهم عددا ...... فالتحية والسلام على جميع أهل سيئون الكرام الذين عشت بين أحضانهم أحلى ايام عمري وأخص بالذكر جيراني في حافة ( الحصي الاربع) الذين أحسنوا أخلاق الجيرة معي و زملائي في العمل الذين بذلوا جهودهم لتحقيق أهداف مشروع التنمية الريفية النبيلة و زملائي في الدراسة الجامعية المشهود لهم بالنباهة العلمية والاخلاق الفاضلة والتعامل الصادق..... وادعوا بالصحة وطول العمر في طاعته للاحياء منهم وبالرحمة والمغفرة لمن توفاه الله منهم
سيئون بلد عزيزة علي عرفتها بعمق و أحببتها بشغف وتعلقت باهلها واخبارها...... اللهم أحفظ سيئون واهلها من كل مكروه...... فهي لم تحظى حتى الأن بماتستحقه من رعاية أمنية وعناية تنموية برغم مواقفها الوطنية المشهود لها من الجميع !!!!!!

ليست هناك تعليقات