العقل سفر في عالم مجرد - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

العقل سفر في عالم مجرد

 

كتاب : العقل سفر في عالم مجرد  

تأليف : ماهر أبو شقرا 



ومما جاء في مقدمة الكتاب:  كنت أخوض نقاشاً مع أحد معارفي حول موضوعة العقل، وذلك بعد انتهائي من العمل على المسودة الأولى لهذا الكتاب. وهو شخص يحب أن يطلق عليه لقب «مفكر»، وأذكر هذا اللقب هنا تلبية لرغبته... لقد كان النقاش شيقاً جداً، تداولنا فيه العديد من المفاهيم والأفكار، على الرغم من أن كلاً منا كان يتكلم من منظور مختلف. لكن لعل أهم ما تلقيت خلال هذا النقاش كان فكرةً يمكن أن ألخصها بالتالي: «لا يمكن نقد فيلسوف، فهذا عالم... من نحن حتى ننتقد الفيلسوف هذا أو ذاك؟». أقول «أهم» كون هذا التعليق جاء في سياق إحدى الإشكاليات الأساسية التي أحاول طرحها من خلال هذا الكتاب... لقد استحضرت هذه الملحوظة كل تهم الهرطقة التي كانت تطلق في القرون الوسطى ضد كل من خرج عن المنظومة الفكرية المهيمنة.

إن العقل البشري الجماعي لم يتطور مهما تطور أو تغير شكل المعرفة، ومهما تغير من يقبض على مفاصل تلك المعرفة ومن يتكلم بصفته «قيماً» عليها. وتهم الهرطقة وشتى أنواع «التكفير» وإطلاق الحرم على مساءلة كل ما هو «مقدس» لاتزال هي هيَ. والمنطق الذي كان سائداً أيام كان الإكليروس يقبضون على «الحقيقة» وعلى الحق بادعاء امتلاك المعرفة لايزال هو نفسه وإن تغيرت ملامحه...

وما ينطبق على الفلسفة ضمن هذا الإطار ينطبق على سائر المجالات العلمية والطب والفيزياء وما إلى هنالك من مجالات. فعلى الرغم من فشل الطب العلاجي في شفاء معظم إن لم نقل سائر الأمراض المستعصية، فإن مجرد مساءلة المنهج المعتمد في الطب تعد ضرباً من الهرطقة أو عملاً شاذاً عن القاعدة. والأمر ينسحب على جميع فروع العلوم. إن المنهج الذهني السائد منهج ينطلق من أعلى إلى أسفل، ومن حيث يقبع المفكرون والفلاسفة والعلماء بأفكارهم ونظرياتهم وهالتهم الأكاديمية لتعمم على سائر البشر، على العقل الجماعي البشري... وبالتالي فإن مطلق نزوع في المنهجية نحو الاتجاه من أسفل إلى أعلى يجابه بالتكفير وتطلق عليه سائر الاتهامات التي تنضوي تحت مظلة الهرطقة.


لتحميل الكتاب من ( مكتبة دار بن حبتور ) من هنـــــا


ليست هناك تعليقات