سرد أحداث رحلة البيجل - خمسة اعوام حول العالم - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

سرد أحداث رحلة البيجل - خمسة اعوام حول العالم

 

كتاب : سرد أحداث رحلة البيجل - خمسة اعوام حول العالم

للعالم : تشارلز دارون

ترجمة : مجدي محمود المليجي



يُعتقد أن هناك علاقة بين الرحلات الاستكشافية العظيمة والقفزات الفكرية الكبيرة.. فرحلة ماجلان مثلاً أثبتت  أن كوكبنا كروي الشكل فعلاً.. ورحلة كولومبس لاكتشاف الهند انتهت باكتشاف قارة جديدة تماماً.. أما رحلة فاسكو ديجاما فـأتاحت لأوروبا (ولأول مرة في تاريخها) التواصل مع الهند والصين دون المرور بديار العرب والمسلمين..


هذه الرحلة  - فهي رحلة السفينة البريطانية بيجل في القرن التاسع عشر.. لم تكن لها نتائج جغرافية كالرحلات السابقة، ولكنها قدمت نتائج أحيائية وأيديولوجية قلبت علم الأحياء وغيرت نظرتنا للحياة - ما زالت تثير جدلاً حتى اليوم..


والحقيقة هي أن هذه السفينة الحربية قامت برحلات استكشافية كثيرة أسرت ألباب الأوروبيين.. وما يهـمنا اليوم هي الرحلة التي حدثت بين عامي 1831 - 1836 وحملت على متنها عالم الأحياء المعروف تشارلز داروين.. طافت به حول أميركا الجنوبية وجزر المحيط الهادي وأستراليا ونيوزلندا وجزر أوقيانوسيا.. لم يكن داروين حينها عالماً مشهوراً، بل شاباً يافعاً تقتصر مهمته على جمع العينات الأحيائية وبعثها للعلماء المتخصصين في إنجلترا، ولكنه كان شديد الملاحظة يصنف العينات بحسب مواقعها وعلاقتها ببيئتها، أصبح على يقين بأن أشكال المخلوقات تتبدل بحسب البيئة والمناخ وموقع العيش.. شاهد مثلاً على إحدى الجزر زهرة (ذات عمق طويل جداً) فتوقع العثور على حشرة أو طائر يملك منقاراً طويلاً كالإبرة "يـشفط" الرحيق الموجود في قاعها (ووجده فعلاً).. وفي إحدى جزر أقيانوسيا عثر على سلعطون يملك مخلباً ضخماً وأكبر من المعتاد، ثـم أدرك أن مخلبه "تضخم" كي يكسر جوز الهند الذي يكثر في هذه الجزيرة بالذات.. لاحظ باختصار أن أجساد المخلوقات تتغـير بحسب مواقع عيشها، وتتطور لـتتأقلم مع ظروف بيئتها (ومن لا ينجح في ذلك ينقرض بكل بساطة)..


.. وخلال هذه الرحلة التي استغرقت خمس سنوات، لم تقتصر اكتشافات داروين على تطور المخلوقات، بل طالت أيضاً الجيولوجيا والأحافير والإنثروبولجيا أو علم الإنسان.. فقد أحضر معه لإنجلترا بقايا ديناصورات وفقاريات انقرضت منذ ملايين السنين.. وكان قبطان السفينة فيتزروي قد أهداه كتاباً يدعى "مبادئ الجيولوجيا" يتحدث عن تحركات القشرة الأرضية، وخلال رحلته عثر داروين على أدلة تؤكد صحة ما جاء في هذا الكتاب مثل وجود أسماك متحجرة في رؤوس الجبال.. وفي فيجي قابل سكاناً متعلمين في أوروبا فلاحظ الفرق الشاسع بين همجية وبدائية السكان الأصليين، فكتب كلاماً كثيراً حول دور "التربية" في تطور الفكر الإنساني بسرعة لا تقارن بالتغير البيولوجي...


بقي أن نشير إلى أن داروين كان عالم أحياء وليس رجل أيديولوجـيا، ولكن الصراع مع الكنيسة وضع آراءه في التطور في مواجهة فكرة الخلق، وحين وصل إلى إنجلترا وضع خلاصة أفكاره في كتاب يدعى "أصل الأنواع" يتضمن رسومات توضيحية لعينات جمعها أثناء الرحلة، ولا تجد في أي صفحة من صفحاته الادعاء القائل بأن الإنسان أصله قرد..


.. وأيـاً كان موقفنا من الرجل تظـل الرحلة ذاتها علامة فارقة في تاريخ العلوم وقفزة هائلة في مسيرة الفكر البشري.


لتحميل الكتاب من ( مكتبة دار بن حبتور ) من هنـــــا



ليست هناك تعليقات