الإرهاب الفكرى والفراغ الفكرى - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

الإرهاب الفكرى والفراغ الفكرى

 

 الإرهاب الفكرى والفراغ الفكرى 


( أولا : الإرهاب الفكرى ) .

* تعريف : 

- الإرهاب الفكري هو نوع من أنواع الأيديولوجية التي تؤمن بعدم احترام الرأي الآخر وتسلبه حقه فى حرية التعبير وحرية العقيدة ، وهو يحجر على العقول والحريات ، ويحرم عليها التعبير عن ذاتها بحجة أن هذا مخالف لثقافةٍ أو لمذهبٍ أو عقيدةٍ أو رأيٍ معين ، ويحمل الإرهاب الفكري مفاهيم مثل التعصب ، والتطرف ، والتكفير ، وعدم احترام التراث والتاريخ والحضارة .

* أنواع الإرهاب الفكرى : 

- يعد الإرهاب الفكري نوعا من أنواع العمليات الإرهابية ، لكن الإرهاب الفكري يأتي قبل أعمال العنف وهو بدوره يظهر بأشكال متعددة مثل العنصرية والتكفير ، وغير ذلك .

 - العنصرية :  حيث أن العنصرية حملت أبشع صور الإرهاب الفكري مثل منع بعض الثقافات واعتبار بعض المواطنين الذين ينتمون إلى عرق معين مواطنين من الدرجة الثانية ، مثلما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب افريقيا من عمليات فصل عنصري ( سياسة الأبارتيد ) .

- التكفير : وهو الإعتقاد بأن الآخر لا يستحق رضا الله ، وإن أفعاله آثمة وغير مقبولة من قبل الرب ، ويؤمن التكفيريون بأنهم فقط المقبولين من الله عز وجل ، وأن الآخرين يكفرون بالله حتى وإن كانوا لا يعلمون .

 - الطائفية : وهى التعصب لطائفة أو مذهب على حساب مذهب آخر ، مع الحفاظ على الإنتماء إلى دين ربما يشمل المذاهب الأُخرى ، وقد يحرم بعض المتعصبين لمذهب أبناء مذهب آخر من ممارسة شعائرهم كنوع من أنواع الإرهاب الفكري والعقائدي .

- انتهاك حقوق الإنسان : قامت منذ أقدم العصور أنواع من انتهاكات حقوق الانسان مثل الاتجار بالعبيد ، وعدم احترام أسرى الحرب ، وأعمال السخرة التي تتحول دائماً من إرهاب فكري إلى أعمال عنف .

- انتهاك حقوق المرأة : ويعد من أنواع  الإرهاب الفكري الأكثر انتشاراً ، ومن أمثلته سلب حق المرأة فى الترشح للمناصب العامة أو سلب حقها في التصويت فى الانتخابات ، أو سلب حقها فى العمل أو فى التعليم .

- الحكم الاستبدادي : هو عبارة عن 

سياسات دكتاتورية متعددة تنتهجها الحكومات الدكتاتورية من أجل الحفاظ على السلطة . و لكن أبسط أدوات الدولة الأمنية في الحفاظ على نفوذها هو الإرهاب الفكري عن طريق القمع والاستبداد ، أو ترسيخ الحق الإلهي في الحكم ، أو مطاردة المعارضة السلمية مثل دول الحزب الواحد ، أو سياسة تكميم الأفواه التى تتبعها بعض الدول فى عصرنا الحاضر .

 - القمع السياسي : أو الكبت السياسى هو اضطهاد فرد أو مجموعة من الأفراد لأسباب سياسية ، بهدف تقييدهم أو منعهم من المشاركة في الحياة السياسية في المجتمع . ويمكن أن يتجلى الكبت السياسي فى سياسات تمييزية ، أو انتهاكات لحقوق الإنسان مثل التنصت ، السجن ، التجريد من حقوق المواطنة ، و أعمال العنف مثل الجريمة ،  التعذيب ، أو معاقبة النشطاء السياسيين والمعارضين بشكل غير قانوني .

- وفي حالة ما إذا كان الكبت السياسي منظما من قبل الدولة ، فقد يعد ذلك إرهاب دولة ، أو إبادة جماعية ، أو جريمة سياسية ، أو جرائم ضد الإنسانية . ويعد الكبت السياسي العنيف والمنظم سمة معتادة للأنظمة الدكتاتورية ، والأنظمة الشمولية . إلا أن تلك الأنظمة لا تستأثر بممارسة الكبت السياسي ، فثمة أنظمة ديموقراطية تقوم بممارسته أيضا ، ولو بشكل أقل .

- و يقع على عاتق قوات الشرطة ، أو الجيش مهمة تنفيذ الكبت السياسي . أما الإجراءات القمعية فهي الإجراءات العنيفة التي تتخذها الحكومة ضد الخارجين عن النظام والقانون ، وهي إجراءات لا يمكن تبريرها زمناً طويلاً وتتم في أضيق الحدود .

( ثانيا : الفراغ الفكر ى ) .

- يطلق مصطلح الفراغ الفكرى Intellectual Emptiness على خلو العقل والفكر مما ينفع ويفيد ، وليس شرطاً أن يكون الفارغ فكرياً ممتلئاً بما لا يفيد ولكنه خال مما يفيد ، مما يجعل صاحبه مؤهلاً للتأثر بأي فكر وأي منهج بغض النظر عن محتواه العلمي ودرجة صحته . وحيث إن إمتلاء العقل والفكر بالعلم والمعرفة يكون رصيداً قوياً ضد الإنحراف ، ومانعاً صلباً من الضلال . كما يظهر للفراغ الفكري عددا كبيرا من المظاهر والسلوكيات والآثار التي ينعكس تأثيرها على الفرد والمجتمع والدولة .

 * المفهوم : 

- هناك تعاريف كثيرةُ للفراغ الفكري حسب الإتجاه الذي تقصده الدراسات التي يجريها الباحثون . فأحيانا يتم تعريفه بأنه تغييب العقل جزئيا عن طريق تعطيل طاقاته الكامنة وإهدار وظيفته التي خلقها الله سبحانه وتعالى له وهي التأمل والتفكر .

- وأحيانا أخرى يتم تعريفه بأنه " إنعدام التصور الصحيح لهذه الحياة ، وعدم معرفة سبب وجود الخلق فيها والمهمة الموكولة إليهم في هذه الوجود ، وكذلك مصيرهم ومصير الكون ، و الغاية من هذا التنظيم الرائع للكون ، ومن هذا الإبداع العجيب الدقيق المحكم للإنسان ولسائر الكائنات الحية " .

 * أسباب الفراغ الفكرى : 

- هناك عدة أسباب ظاهرة وأخرى باطنة للفراغ الفكري أسهمت فى ظهوره ، منها : الأسباب الإيمانية ، النفسية ، التقنية والتكنولوجية ، الإجتماعية ، الإقتصادية ، الأسباب المتعلقة بالتعليم ، إضافة إلى الأسباب الفكرية .

 * مظاهر الفراغ الفكرى : 

 - تتنوع مظاهر الفراغ الفكري على الفرد والمجتمع بشكل كبير وتنقسم بشكل عام إلى : المظاهر النفسية ، السلوكية ، الفكرية .

- وبينما تتمثل المظاهر النفسية فى : الشعور باليأس ، اضطراب الشخصية ، المظاهر الشكلية ، عدم الإحساس بالمسؤولية ، عدم القدرة على تحمل الضغوط النفسية ، القلق المستمر ، التعصب ، العزلة الإجتماعية .

- فإن المظاهر السلوكية تتمثل فى : التواكل ، الإسراف فى التمتع بالحياة ، البخل والتقتير ، التعامل بالربا ، البطالة وترك العمل ، العنف بكافة أنواعه ، الفساد ، الإبتعاد عن العبادات ، التغيرات الإجتماعية ، انتشار الأمراض الاجتماعية ، تعاطى المخدرات ، الإنحراف ، عدم المبالاة بأي شيء .

 - فى حين تتمثل المظاهر الفكرية فى :  

التطرف الفكري ، الأزمة الفكرية ، الاغتراب الدينى الذى يعد محاولة من الفرد للتخلص من قدراته وطاقاته العقلية والإرادية التي يحملها ، وكل ما يشعر به من مسئوليات بحيث يصبح خاليا من أي رغبة في العمل أوالتفكير ومتهربا من أي مسؤولية مطلوبة منه ، و بالتالي يتعطل عن العمل وأداء المهام المطلوبة منه . إلى جانب الغلو فى الدين ، والتطرف الدينى . 

* نتائج الفراغ الفكرى : 

يترتب على حالة الفراغ الفكري خاصة عند الشباب الكثير من السلبيات منها : 

- عدم القدرة على المشاركة فى صنع القرارات . 

- عدم القدرة على حل المشكلات التى قد تواجههم .

- الشعور بإنعدام الأهمية لدى هؤلاء الشباب .

- الفشل فى الحياة العامة والعجز عن التطوير والابتكار .

- الاستسلام للموروث السلبي والتقاليد البالية والنمطية الفكرية .

- كما يرتبط الفراغ الفكرى ارتباطا وثيقا بغياب الهدف . وللأسف نرى الجيل الجديد من الشباب يهتم بمظهره متاثرا بثقافات غربية أكثر من اهتمامه بتحقيق هدف يضعه نصب عينيه ، وهو ما يعد نتاجا لغياب الثقافة الرصينة . 

* علاج الفراغ الفكرى : 

- تتنوع أساليب العلاج الفكري وفقا لأسبابه ودرجة انتشاره في المجتمع وتأثيره على الفرد ، وتتمثل هذه الأساليب فى الأدوار التى يتعين القيام بها من جانب كل من : الأسرة ، المسجد ، المدرسة ، الجامعة ، وسائل الإعلام ، المؤسسات التربوية بصفة عامة .

- وبعبارة أخرى ، فإن هناك أهمية كبيرة لدور الأسرة والمدرسة والمؤسسات التربوية فى تعليم الطلبة على كيفية وضع الهدف ، وكيف يصنعون أولوياتهم ومتطلباتهم من أجل تحقيقه .

- أيضا ، لابد من وجود خطط تنفيذية لبيان دور الشباب فى مواجهة الفكر المتطرف ، وتحصينهم من الوقوع فريسة لهذا الفكر ، حيث يعد الجهل والفراغ الفكرى من أبرز أسباب التطرف .

المرجع : مصادر متعددة . من صفحه الدكتور د.مجيب الانسي


ليست هناك تعليقات