انفجار الوضع الشعبي في المحافظات اليمنية الواقعة تحت الاحتلال| ا.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور| 11-9-2018 - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

انفجار الوضع الشعبي في المحافظات اليمنية الواقعة تحت الاحتلال| ا.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور| 11-9-2018

 

 

شَهِدتْ المحافظات الجنوبية والشرقية (عدن، لحج، أبين، حضرموت) الواقعة تحت الإحتلال السعودي الإماراتي مظاهر احتجاجاتٍ واسعة، تَمثَّلَ في خروج آلاف من المواطنين اليمنيين المتظاهرين إلى الشارع، وكانت الشرارة الأولى في إشعال فتيل الغضب الجماهيري هو التردِّي الهائل في مستوى معيشة المواطنين، وخدماته، وأمنه، وجذر القضية كان في ارتفاع الأسعار الجُنونية التي كان مُسببها الأول وليس الأخير حرب العُدوان على اليمن، وللبقية تفاصيل مُهمَّة سنأتي عليها في سِياق الموضوع.

خرج المواطنون الغاضبون مشحونون بغيضٍ جارفٍ جرَّاء مُعاناتهم اليومية الحياتية وردَّدوا الهُتافات النارية الحماسية تجاه من خَلَق لهم كل هذه المتاعب والإشكاليات، هتفوا ضدَّ تحالف العُدوان السعودي الإماراتي وحكومتهم العميلة القابعة في المنفى الإجباري، أضرموا النار في الشوارع، وأغلقوها (وهي ظاهرة غير صحية ولا حضارية) لكنَّ الجماهير حينما تجوع لا تُميِّزُ بين فعلٍ صائبٍ أو غيره، كان المحتجون المنتفضون يُردِّدون شعارات لأول مره تتجه نحو مصالحها الحقيقية، في ظاهرة إيجابية جداً بأنَّ الجماهير استعادت روح المبادرة والتحدث عن تحدياتها بشكلٍ مباشرٍ دون وسيطٍ أو سمسارٍ يتحدث بلسانها وهمومها ومعاناتها اليومية، كانت بوصلتها تتجه نحو مصالحها المباشرة بعيداً عن حسابات السياسيين الأنانية، و هم السماسرة الذين تاجروا طيلة أكثر من عقدٍ من الزمان بلسان هؤلاء البسطاء، وروَّجوا لأوهامٍ طوباوية غير متاحة التحقيق، في حالةٍ غريبة بأنْ يتمَّ تنويم مُعظم الجماهير وهم بالآلاف بشعاراتٍ لا تُسمنُ ولا تغني عن جوع.

خرج البُسطاء الفقراء من عامة الشعب بعد قرابة أربعة أعوام من العُدوان يرددون شعارات برَّع برَّع يا استعمار، برَّع من أرض الأحرار، لا سُعودي بعد اليوم، لا إماراتي بعد اليوم ولا (حكومة شرعية) بعد اليوم، فكما تُسرِدُ كُتب التاريخ بأنَّ حدس الجماهير الشعبية لا تُخطئ، فهُم مُدركين بأنَّ من سامهُم سَوم العذاب في أرزاقهم ومعيشتهم وأمنهم وصحتهم وكرامتهم هم هؤلاء الثلاثة الأطراف فحسب، لا زيادةٍ ولا نقصان وهم:

 

أولاً:        عُدوان المملكة العربية السعودية المُستمر مُنذ مارس 2015م وتحالفها مع قوى ظلاميه إرهابية مثل تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب الذين زودوهم بالمال وأحدث الأسلحة والمعلومات اللوجستية، وتنظيم الإخوان المسلمين فرع اليمن، وهذه المملكة التي توزع أموالها (بيسها) شرقاً وغرباً لشراء الأسلحة والذمم بالمليارات، لم تلتفت على المواطن اليمني إلا بالنزر اليسير من المساعدات الإغاثية القليلة، لا بل حولت سعر الريال اليمني إلى أرقام متدنية، و لعلم القارئ اللبيب فقد كان سعر الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي في مطلع العام 2015م يساوي 214 ريال مقابل الدولار، وأصبح اليوم في العام 2018م الدولار الأمريكي مساوياً لـ 609 ريال يمني، ناهيكم بأن السعودية بسياساتها العنصرية الداخلية ما يسمى (السعودة) شردت بمئات الآلاف من المغتربين اليمنيين مع عائلاتهم الذين خدموا السعودية لعقُودٍ من الزمان، طَردتْهُم وأعادتْهُم إلى اليمن دونما تعويض أو احترام أو تقدير لمبدأ الجيرة الجغرافية الحسنة بين اليمن والمملكة العربية السعودية.

ثانياً:        تحالفت مشيخة الإمارات العربية المتحدة مع المملكة السعودية في حربها على اليمن، وأحضرت معها عصابات مُقاتلي الشركة الأمنية (البلاك ووتر والجنجويد السوداني)، وكان هدفها في البدءِ والمُنتهى هو احتلال الجُزُر والموانئ اليمنية لحسابات توسُعيَّة وهمية خاصة، وقامت بتزويد العصابات المحلية بالأسلحة والعتاد والمال لشراء ولاءاتهم (وذِممهم إنْ كانت لهم ذِمم من الأصل)، وشَعَرَ المواطن اليمني بأن مجيء هؤلاء الأغراب ليس إلا لمصلحة خاصة بهذه الدول ولهذا انتفضت ضِدَّهُم بكل هذه الضراوة والاستبسال.

ثالثاً:        تشكلت حكومةٌ بالمنفى ومقرها الدائم بالرياض عاصمة آل سعود، وتزور المحافظات الواقعة تحت الاحتلال بين الحين والآخر، وبطبيعة الحال حينما يتم السماح لها بالنزول في مطار عدن أو سقطرى أو المهره، هَمُّ هذه الحكومة (الشرعية) المنفية هو تنفيذ توجيهات المندوب السامي سفير المملكة العربية السعودية.

 

هذه (الحُكومة الشرعية) طبعت وأصدرت قرابة ترليون ويزيد من الريالات اليمنية دون أيَّة مُصوِغاتٍ قانونيةٍ ولا اقتصاديةٍ ولا شرعية، مِمَّا أدى إلى هذا التضخُم المُفرط في سعر الريال اليمني مقابل بقية العملات الأجنبية، وبالتالي أثّر بشكلٍ مباشرٍ على تدهوُرٍ سريعٍ في مستوى معيشة المواطنين.

 

الخُلاصة:

هؤلاء هم وحدهم من تَسَببَ بهذا الدمار الطاحن بحق الشعب اليمني طِيَلة زمن العُدوان، ولذلك اتجهت بوصلة الجماهير الغاضبة نحوها، لتُمزِق وتُحرق رُموزها وتقذف بهم من على أسطُح وواجهات المباني التي وُضِعَتْ بها، وتذكرتُ مشهداً مماثلاً حينما اجتاح الغُزاة الإماراتيون والسعوديون أرض عدن الطاهرة في يوليو2015م، حينها رُفعت أَعلام وصور مُلوك و أُمراء البُلدان الغازية في ساحة العروض بضاحية خور مكسر بمدينة عدن ليتمَّ الترحيب بهم، ويُردد عدداً من البسطاء مرحب مرحب يا ..........، ليقول الكاتب السعودي أنور خاشقجي، أين هم الآن قادة الحزب الاشتراكي أمثال عبدالفتاح إسماعيل وسالم رُبيِّعْ علي (سالمين)، وعلي عنتر، ليشاهدوا أحفادهم وهم يرحبون بحرارةٍ بقادة دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم أنا ادعوه لمشاهدة صور الملك سلمان بن عبدالعزيز والشيخ خليفه بن زايد، رَمزَيْ العُدوان على اليمن، يتفكَّر في مشهدِ تمزيقها وإحراقها في شوارع عدن وردفان والمُكلا، إنَّها الحتمية التاريخية يا هَذَا أن يقوم أحرار وأبطال اليمن لإعادة المشهد برمزيته الوطنية أى وضعه الطبيعي المقاوم للعدوان، والله أعلَم مِنَّا جميعاً.

 

﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ

 

 

www.raialyoum.com/index.php/انفجار-الوضع-الشعبي-في-المحافظات-اليم/


قناة العالم

 

ليست هناك تعليقات