السعُودية والإمارات تقتُل أطفال اليمن في الأيام الحُرُم بدمٍ بارد..أين البعض منكم يا عُلماء المسلمين وفتاويكم من تلك الجرائم؟/ أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
لم تمض سوى أيّام معدودةٍ بين وقوع مجزرتين مروعتين حدثتا للأطفال اليمنيين في كلٍ من مديرية ضحيان بصــعدة بتـاريخ 9 أغسطس 2018م بقتل 51 شهيداً، مُعظمهُم من التلاميذ، وجرح أكثر من 77 مدنياً من المتواجدين لحظة وقوع الجريمة بحق الحافلة التي تُقِلُّ التلاميذ، وبين قتل الأطفال في مديرية الدريهمي بالحديدة بتاريخ 23 أغسطس 2018م وعددهم 26 طفلاً وإمرأة، كانوا في لحظة نزوحٍ إجباريٍ من خوفهم من قصف طيران العدو.
تلك المجزرتان الرهيبتان اللتان أرعبتا العالم لبشاعتهما وخستهما ليستا الأولى، بل سبقتهما مجازر نددت بها المنظمات الإنسانية المحلية والدولية في حينها، و ندَّدت منظمة الأمم المتحدة بوضوح بتلك الجريمتين الأخيرتين التي حدثتا خلال شهر واحد (أغسطس 2018م)، لكن كل ذلك الشجب والاستنكار والإدانات العالمية لم تعد تحرك شيئاً يُذكر مما تبقى من ضمائر من يصدر أمر القتل المُتعمَّد من غرفة العمليات الحربية العُدوانية ولا من أصحاب القرار السياسي لمملكة آل سعود ولا لمشيخة الإمارات، والمُذهِلْ أنَّ كُل تلك الدماء والأرواح فاضت إلى بارئها في أيّام عيد الأضحى المُبارك، وملايين الحجيج تُردِدُ من على أرض المشاعر المقدسة (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمدَ والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، أي أنَّ الجريمة تحدُث في الأيام الحُرُم من عامنا هذا، وهي أيّام حرّم الله فيها القتل بشكل مطلق.
ويُلاحِظُ الرأي العام اليمني والإقليمي وحتى الدولي بأنَّه وفي كل حادثةٍ إجراميةٍ مروعةٍ تحدُث، فإنَّ وسائل إعلام دول العُدوان تحاول إطلاق الأكاذيب بشأنها والتشكيك في حدوث الفعل من أساسه، وإن لم يستطيعوا إخفاء الحقائق على الأرض، فإنَّهم يُحاولون إظهار أسفهم لما حدث واعتباره خطأً غير مقصود.
لكن الملفت في قرار مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن هو إحالة ملف الجريمة بِرُمتِها إلى لجان تحقيق تقوده وتوجهه دول العُدوان ذاتها وهي التي ارتكبت الجريمة في وضح النهار واعترفت بأنها قتلتهم، لأنَّ هؤلاء الضحايا هم عبارة عن جنود ومجندين سيذهبون إلى جبهات المواجهة العسكرية، كما أدعى الناطق العسكري لتحالف دول العُدوان.
وقد تزامن قرار مجلس الأمن مع بيان رسمي صادر من منظمة هيومن رايتس (Human Rights) في ذات اللحظة، لتقول بأنَّ ملف التحقيقات بشأن جميع الحوادث التي نتج عنها قتل المدنيين، والتي أُحيلت إلى لجان تتبع الحلف بقيادة السعودية لم تعُد تحمل أيَّة مصداقية في نتائج تحقيقاتها ولا تتصفُ بالنزاهة والحيادية، علماً )وهذا القول لازال للمنظمة الدولية لحقوق الإنسان) بأنَّ مُعظم الحوادث العسكرية قد تصل إلى مستوى جرائم الحرب لمُرتكبيها، وأنَّ الإتهام سيصل إلى الدول التي دعمت الحلف ببيع الأسلحة والذخائر التقليدية والمُحَرمة دولياً.
ماذا تعني كلُ هذه الجرائم التي تتوإلى على أطفال اليمن مُنذ بدءِ عدوان السعودية وحلفائها على أراضي وشعب الجمهورية اليمنية في 26 مارس 2015م؟.
أولاً: تتعامل دول العُدوان بقيادة المملكة السعودية ومشيخة الإمارات المتّحدة باستخفافٍ تامٍ تجاه أرواح ودماء اليمنيين عُموماً، وأطفالهم على وجه الخُصوص.
ثانياً: تتعامل دول العُدوان بعنجهيةٍ واستعلاءٍ وَقِحْ مع المنظمات الإنسانية الدولية التي تتجرأ وتُظهر في تقاريرها المحايدة نسبياً أعداد الضحايا وحجم مأساة المدنيين، هذه دول الحلف العُدواني تتبجح بأنَّها فوق القانون الدولي الإنساني بسبب ثرائها وشراء ولاءات بعض الشخصيات النافذة في دول الغرب الاستعماري والشخصيات السياسية والإعلامية وحتى الدولية، ليس هناك أوضح من شراء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 بشأن وضع اليمن تحت الفصل السابع.
ثالثاً: وَجَدَ حلف دول العُدوان شخصياتٍ يمنيةٍ اجتماعيةٍ وقادة سياسيين وقبليين وعسكريين وإعلاميين مُطبلين وحتى أكاديميين، للأسف بأنَّهم جاهزين لخيانة اليمن، والتحوُّل السريع لخدمة دول العُدوان في شتى المجالات، وتحوُّل البعض منهم إلى مُرتزقة مأجورين وبسعر رخيص يقاتلون إلى جانبه (بالبندقية والكلمة)، ممَّا سهل للعدو فكرة استرخاص أرواح ودماء اليمنيين والأطفال على وجه التحديد، هُنا يكمن الداء، ونشاهد بين حينٍ وآخر من على بعض منابر إعلام دول العُدوان نفراً من هؤلاء المُستأجرين الخونة وهم يكيلون المديح والتزلُّف المُقزِّز للقتلة من دول العُدوان، ويتهم خصومه المدافعين عن حياض الوطن بالخيانة، أليس فيما نشاهده مأسـاةً أخلاقيةً قلَّ نظيرها في العالم؟؟؟.
رابعاً: تُشير الدراسات الاستراتيجية والإعلامية الرصينة بأنَّ شـنَّ الحرب على اليمن كان لأهدافٍ اقتصاديةٍ ذات طبيعةٍ استراتيجيةٍ، أبرزُها هي:
(أ) السيطرة من قبل الغزاة الجُدد على الشواطئ الدافئة لليمن وعلى أهم الموانئ والجُزر الاستراتيجية، وكذلك السيطرة على باب المندب.
(ب) مَدْ أُنبوب النفط الخام من صحراء الربع الخالي (السعودي) إلى البحر العربي والذي كان حُلُماً بعيد المنال راود أحلام ومُخيلةَ حُكَّام آل سعود مُنذ زمنٍ بعيد.
(ت) إيقاف أيَّة تنقيبات جِدِّية لاستخراج النفط والغاز والمعادن التي أظهرت المُسوح الجيولوجية بأنَّ عدداً من محافظات الجمهورية زاخرةٍ بهذه الثروات الطبيعية.
(ث) إبقاء اليمن بمخزونه البشري الهائل تابعاً لدول مجلس التعاون، ومجتمعاً فقيراً يحتاج في كل حياته للدول الثريَّة بالمنطقة، إضافةً إلى أنَّ قراره السياسي مُرتهنٌ وتابع للجيران من الأعراب، أي أنَّه مسلوُبُ الإرادة والفعل والتأثير.
الخُلاصة:
هُنا يتساءل المواطن اليمني البسيط المقهور!!، ومعه المدافعين عن الوطن ويوجه جُل تساؤلاته المُرَّة لجمهور علماء المسلمين من المحيط إلى الخليج الذين تكتظ بهم شوارع وأزقة وحارات مدن الوطن العربي والإسلامي، ويُذكِرُهُم بمسؤولياتهم الأخلاقية الدينية وبخُطبِهُم المُتكررة التي صدحوا بها من على أعلى منابر المساجد والجوامع والساحات، ويقول لهم:
ما الفرق بين نفاقكم ودجلكم الواضح، ونفاق وأكاذيب حاخامات اليهود وقساوسة وباباوات الكنائس؟!!!.
فالحاخام في الكنيس اليهودي يُردد تعاليماً من التُلمُود المُحرَّف ليُبرِرَ للحُكام اليهود الصهاينة تشريد وتهجير وقتل الشعب الفلسطيني وقبله المصري والسوري واللبناني والأردني.
والباباوات والقساوسة برَّروا ذات يوم إبادة الهنود الحمر في الأمريكيتين، وبعدها برَّروا في قتل الملايين من الأحرار في كل أرجاءِ العالم وبالذات في كُوريا وفيتنام وإفريقيا الحُرَّة السوداء، وأمريكا اللاتينية، وفي الوطن العربي في الجزائر والتي قتل فيها مليون ونصف مليون شهيد جزائري.
وأنتم يا (علماء وفقهاء ودُعاة الأُمة الإسلامية) تتفرجون وربما تستمتعون بالمشاهد الرهيبة كُل مساءٍ وصباحٍ على مُسلسل الدم وإزهاق أرواح اليمانيين من قِبَلْ طائرات آل سعود وآل نهيان، تُشَاهِدُون ما يحدث لليمانيين الذي قال فيهم خاتم النبيين والرسل محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أعظم الأحاديث النبوية الشريفة.
ساعدوا السعوديين والإماراتيين العالقين الغارقين في الدماء الزكيَّة لأطفال اليمن بأنْ يتوقفوا عن تلك المجازر اليومية بالنصيحةِ والرأي والفتوى الصادقة، لإخراج مملكة القتل والرذيلة من هذا الجرم التي أغرقها ناصحوها المنافقون في الانغماس في بحر الدم المسال من الدماء والأرواح الزكيَّة لأطفال اليمن من ضَحيان صعدة إلى الدُريهمي بالحديدة، لاعتقادهم بأنَّ تلك الأعمال الوحشية رُبما تكسرُ إرادة المُجاهد اليمني في كل جبهات المواجهة، وهذا لعمري وهم لن يتحقق بإذن الله، والله أعلَمُ مِنَّا جميعاً.
﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾
www.raialyoum.com/index.php/التحالف-العربي-يقتل-أطفال-اليمن-في-ال/
أضف تعليق