الذكرى ٥٧ هج من وفاة زعيم حضرموت السيد : أبوبكر بن شيح الكاف
الذكرى 57 هج من وفاة زعيم حضرموت السيد : أبوبكر بن شيح الكاف
ولادته ونشأته:
ولد الزعيم أبوبكر بن شيخ الكاف في جزيرة سنغافورة، في شهر صفر سنة 1305هـ/1887م، من أبوين كريمين. مكث به والده في سنغافورة خمس سنوات، ثم توجه به عائداً إلى حضرموت سنة 1310هـ/1892م، فنشأ وترعرع في مدينة تريم المباركة في كنف أبويه، في بيئة تزخر بكثير من العلماء والصلحاء والمربين، كما هو معروف عن تلك المدينة على مدى التاريخ والأزمنة.
تعليمه:
تعلَّم الزعيم أبوبكر القرآن الكريم في معلامة باغريب، وقرأه أيضاً على يد الحبيب المعمر: أحمد بن صالح بن الشيخ أبي بكر بن سالم وذلك مدة إقامة الأسرة الكَافِيَّة بدمون، ودرس مبادئ العلم الديني في زاوية مسجد سرجيس الواقعة (بحارة السحيل) من مدينة تريم على يد الشيخ محمد بن أحمد بن سالم الخطيب.
ميوله الإصلاحي:
كان ميالاً منذ صغره إلى حل مشكلات الناس، فنشأ بفطرته محباً للإصلاح، وكثيراً ما كان يستطلع حالة البلاد العامة، ويسعى في مساعدة المظلومين بما تسعه قدرته، ويعمل على الإصلاح بين القبائل، وساعده في الوصول إلى هذه الغاية النبيلة فطرته السليمة، وعبقريته الفذة التي بدرت فيه منذ نشأته، وسخائه وصراحته والإخلاص الذي كان يملأ قلبه.
تأثره بعلماء عصره:
تأثر الزعيم أبوبكر بن شيخ دينياً وروحياً بأئمة ومرشدي ذلك العصر ومنهم: الإمام عبدالرحمن بن محمد المشهور، والإمام أحمد بن محمد الكاف، والإمام علي بن محمد الحبشي، والإمام أحمد بن حسن العطاس وغيرهم، وكثيراً ما كان أبوه يصطحبه إلى مجالس العلماء والمربين للاستفادة منهم، والاستماع لنصائحهم وإرشاداتهم، والتماس الدعاء منهم.
صفته الجسمانية ولبسه وهيئته وجلسته المعتادة:
هو رجل أسمر اللون، معتدلجلسة الزعيم أبي بكر بن شيخ الكاف القامة، قوي البنية، له صوت جهوري مهيب حاد النظر، أما لبسه فيختلف باختلاف المناسبات فمثلاً في المجامع العامة يغلب عليه لبس الجبة والعمامة (الألفية)، وفي بعض الأوقات يلبس الشروان ويضع على رأسه كوفية سوداء جاوية.
أما جلسة الزعيم أبي بكر بن شيخ الكاف المعتادة فهي الجلسة الحضرمية ولكن مع ميلان الجزء الأعلى من جسمه إلى الأمام وإحدى يديه على الأرض مسندة على ساعده بشكل غريب، وفي مثل هذه الجلسة يستمع الزعيم أبوبكر إلى المسائل والمناقشات التي تسترعي انتباهه.
مزاياه الشخصية:
قال عنه الأستاذ محمد بن هاشم:"والسيد أبوبكر بن شيخ الكاف معروف بهمته القعساء، التي تفوق ثروته الطائلة بمراحل، والباحث المحقق يستغرب كثيراً، عندما يرى الظروف والبيئات بهذه البقاع، قد تمخضت بهذا الفذ النادر، الذي هو ليس من نتائجها عادة، ولا من معمولاتها، فالرجل تراه في الوسط الذي يعيش فيه غريباً في همته، غريباً في أخلاقه، غريباً في ثباته، يُسْأَل فيمنح، ويُؤْذَى فيصفح، وله في وجوه الفضائل غرر بيضاء، تسير بها الركبان، وتتزين بذكره المحافل".
وقال: "وفي السيد أبي بكر مجموع صفات محمودة، واتصف بها اتصافاً غريزياً، تألفت منها العظمة والسيادة والكرم والحلم والاحتمال والتواضع والرحمة والإنصاف وحب الإصلاح وقوة الإرادة وسمو الهمة، كل هذه خلال لا تجتمع في شخص إلا وتكون العظمة نصيبه في هذه الحياة".
وقال عنه الأستاذ محمد أحمد بركات:" سيادة أبوبكر بن شيخ الكاف: التقيتُ به لأول مرة في مدينة المكلا عام 1940م عندما جاء إلى الساحل في زيارة شبه رسمية... وبالرغم من شهرته التي طبقت الآفاق كمصلح عظيم في حضرموت، لا يشعر الغريب في حضرته بأنه غريب!، أحاديثه عذبة مستساغة وتواضعه فوق ما يتصور الرجل الكريم عن الرجل الكريم".
وفي صحيفة فتاة الجزيرة:"يعرف الأهالي في السيد أبي بكر بن شيخ الكاف عميداً هاشمياً كريماً، وسمحاً مضيافاً طويل النجاد كثير الرماد. والسيد أبوبكر بن شيخ الكاف عميد أسرة: (الكاف) الشهيرة في جنوب الجزيرة، هو شيخ بعيد النظر، كثير التجارب، واسع الاطلاع، حاضر البديهة، لا تبدو عليه غير الابتسامة الدائمة، وقد عرفه العدنيون في حضرموت أباً للجميع، مجلسه لا يخلو من ضيوف.".
أهم أعماله وانجازاته:
1- دوره البارز في صنع السلام وإطفاء نار الحروب المشتعلة في حضرموت وسعيه في الدؤوب في إنهاء الثارات والذحول بين القبائل.
2- إنشاء وتعبيد طريق الكاف وهو أول طريق يربط ساحل حضرموت بالداخل ويبدأ من مدينة تريم وينتهي في مدينة الشحر ، وبدأ العمل عام1924م وانتهى عام 1937م.
3- تعبيد الطريق الذي يربط مدينة تريم بالغرف ومدينة ساه ورسب ثم بطريق الكاف.
4- إنشاء وشق طريق المعجاز عام 1924م وهو الطريق الجبلي الذي يربط مدينة تريم بسيؤن ويبدأ بمعجاز منطقة الرحبة في تريم وينتهي بمجاز بور ، وكان سبب شقه الحرب المعلنة بين القبائل المحيطة بتريم وسلطان تريم .
5- تعبيد شوارع مدينة تريم وكبسها ورشها بالماء يومياً عام 1926م.
6- المشاركة في تعبيد طريق سيؤن تريم سنة 1929م وقد تحمل جل نفقات المشروع.
وفاته رحمه الله:
توفي الزعيم أبوبكر بن شيخ الكاف فجر يوم الخميس 9 شعبان سنة 1385هـ الموافق2/12/1965م وفي موكب جنائزي مهيب، سار فيه العلماء والوجهاء والأعيان وأهالي مدينة سيؤن، وجموع غفيرة وفدوا من جميع الجهات الحضرمية، شيعت جنازته إلى مسجد جامع العلامة الحبيب طه بن عمر الصافي السقاف، وقد أم تلك الجموع الغفيرة لصلاة الجنازة العلامة الحبيب علوي بن عبدالله السقاف، ووري الثرى في قبة القاضي العلامة الحبيب علوي بن عبدالرحمن السقاف بسيؤن في الركن الجنوبي الغربي من القبة. وقد رثاه السيد الأديب محمد بن عبدالله السقاف بقصيدة مؤثرة . رحمه الرحمن وأسكنه فسيح الجنان.
وبالجملة فإن إصلاحات الزعيم أبي بكر بن شيخ لا يمكن بحال أن تختزل في هذه الأسطر القليلة وللمزيد من المعلومات والوثائق والقصائد والصور ينظر كتاب (الزعيم أبوبكر بن شيخ الكاف صانع السلام وباني النهضة الاقتصادية والاجتماعية في حضرموت . تأليف السيد جعفر بن محمد السقاف والسيد علي بن أنيس الكاف)
أضف تعليق