أحداث شبوة تشرخ أساسات مجلس القيادة الرئاسي اليمني!!
أحداث شبوة تشرخ أساسات مجلس القيادة الرئاسي اليمني!!
بقلم : جريجوري د. جونسون (محلل وكاتب امريكي)
ترجمة : عبدالقادر الجنيد
في ٧ أبريل، قامت المملكة العربية السعودية بهندسة ما هو بالتأكيد انقلاب غير دموي في اليمن، بإزاحة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وإحلال مجلس رئاسي قيادي مكوّن من ثمانية أعضاء محلّه.
هادي، الذي استلم مقاليد الحكم في ٢٠١٢، بناءً على استفتاء بعد أحداث "الربيع العربي"، كان من المفترض أن يكون مجرد سد خانة مؤقتة (placeholder)- أي رئيس انتقالي لمدة سنتين.
لكن في ٢٠١٤، بينما كانت الفترة الانتقالية اليمنية مازالت سارية المفعول، تم تجديد رئاسته بدون انتخابات لمدة عام آخر.
بعدها بسبعة أشهر، دخل الحوثيون صنعاء، وغادر هادي البلاد إلى المنفى.
عندما ضغطت المملكة السعودية على الرئيس هادي ليستقيل، كانت هناك قناعة عامة بأنه منعدم الكفاءة، وخارج نطاق التغطية، وفاسد.
لم يحزن أحد- في اليمن ولا في المجتمع الدولي- على مشهد رحيله.
كان هناك إحساس بأن هَمَّا قد انزاح - good riddance- بالرغم من أنه كانت هناك تساؤلات حول مشروعية الإطاحة بهادي، والطريقة التي تم بها تعيين من تسلم السلطة مكانه.
قامت السعودية والإمارات بملء المكان الشاغر بإنشاء المجلس الرئاسي القيادي، الذي وضعت داخله ثمانية أعضاء تم هندستهم بحيث يكون هناك أربعة أعضاء من الجنوب وأربعة من الشمال.
أربعة أعضاء مرتبطون بالمملكة العربية السعودية وأربعة أعضاء مرتبطون بالإمارات العربية المتحدة.
بمؤشرات عديدة، فإن القرار السعودي بالإطاحة بالرئيس هادي كان مجرد علامة على سُوء سير الحرب في اليمن، وفشلها على غير ما كانت تتمنّى المملكة.
عندما دخلت السعودية حرب اليمن في ٢٠١٥، كانت الحرب ثنائية بين حكومة الرئيس هادي والحوثيين.
بعد سبع سنين، كان قد تم توليد مجاميع مسلّحة جديدة- "المجلس الانتقالي الجنوبي" "قوات طارق صالح" و"قوات تحارب بالوكالة عن دولة الإمارات"- وبهذا تكسّرت خطوط الجبهات وتشرذمت، بحيث وصل الصراع إلى وضع يستعصي معه إيجاد أي حل.
كان من المفروض أن تقوم الجماعات، التي تكوّن منها المجلس الرئاسي القيادي، بتوحيد كل الصفوف المناهضة للحوثي في تحالف واسع، قادر على إما رص صفوف جبهة عسكرية موحّدة تحارب الحوثيين أو للتفاوض معه بصوت واحد.
ولم يكن من المفاجئ أن الأمور لم يتمخض عنها أي شيء من هذا.
المجالس الرئاسية فكرة رديئة وغير عملية على الإطلاق في أي مكان في العالم، ولكن المجلس الرئاسي اليمني أبشع من معظم الوحوش الفرانكشتانية الرئاسية.
ولا واحد من هؤلاء الأعضاء الثمانية داخل المجلس الرئاسي أو الجماعات التي يمثلونها قام بالتخلّي عن مشاريعه الضيّقة والشخصية لصالح أهداف وطنية عريضة لصالح الجميع.
المجلس الانتقالي الجنوبي مازال يريد الانفصال، وخلق دولة جنوبية مستقلة. حزب الإصلاح الإسلامي مازال يريد بقاء اليمن داخل دولة موحّدة.
طارق صالح مازال يريد أن يسيطر على ما كان بيد عمّه الرئيس علي عبدالله صالح الذي قتله الحوثيون.
ربما لا يوجد مثال على الشروخ، التي تمزّق مجلس الرئاسة القيادي، أكثر وضوحا من المعارك التي نشبت مؤخرا في محافظة شبوة بين وحدات قتالية مرتبطة بالمجلس الانتقالي ومدعومة من الإمارات، وتلك الوحدات المرتبطة بحزب الإصلاح التي تعتبرها دولة الإمارات جزءا من حركة الإخوان المسلمين، وعلى هذا فإنها -من وجهة نظرها- جماعة إرهابية.
ابتدأت المصادمات، في منتصف يوليو، بين قوات الأمن الخاصة، التي ترتبط بصورة كبيرة هي وكوادرها بحزب الإصلاح، من جهة وبين قوة الدفاع الشبوانية التابعة مباشرة للمجلس الانتقالي وقوات العمالقة المدعومة تماما من الإمارات.
في يوم ١٩ يوليو، بعد عدة أيام من ابتداء المصادمات، نجا قائد قوات الأمن الخاص، العميد عبد ربه لعكب، من محاولة اغتيال -قال عنها إنها كانت من تدبير دولة الإمارات.
رشاد العليمي - رئيس المجلس الرئاسي- شعر بالقلق من أن يتدهور الوضع، ويخرج عن السيطرة، ويشتت الانتباه عن التعامل مع الهدنة الشاملة السارية بين الحكومة وبين الحوثيين، فأصدر أمرا لمحافظ شبوة - عوض الوزير العولقي- للقيام بتهدئة الأوضاع.
عوض الوزير كان قد تم تعيينه قبل عدة شهور من قِبل الرئيس هادي في ديسمبر ٢٠٢١ ليحل محل المحافظ السابق محمد بن صالح عديو، الذي كان يجاهر بأنه ضد تصرّفات دولة الإمارات، وكان قد اتهمها بأنها دبّرت عدة محاولات لاغتياله في عدّة مناسبات.
في ٦ أغسطس، قام عوض الوزير بإقالة العميد لعكب من منصبه كقائد لقوات الأمن الخاص، وهذا أطلق شرارات احتجاج من قِبل حزب الإصلاح الذي اتهم المحافظ بأنه يقوم بإضعافه لصالح المجلس الانتقالي، ولصالح دولة الإمارات.
في اليوم التالي، نقض وزير الداخلية اليمني، إبراهيم حيدان، أمر المحافظ، وأعاد تنصيب لعكب على قيادة قوات الأمن الخاص، وبهذا أغضب كل الوحدات العسكرية الموالية لدولة الإمارات داخل محافظة شبوة.
عند هذه النقطة، أصبح القتال حتميا، فقام كل من الجانبين بقصف الطرف الآخر أملا في أن يتم الإنجاز عسكريا، بعد الفشل في تحقيقه سياسا.
بدأت الصدامات في عتق، عاصمة شبوة، في ٧ أغسطس، واستمرت لمدة أربعة أيام، وكانت هناك تقارير تتحدث عن قصف إماراتي باستعمال الطيارات المسيّرة استهدف الوحدات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية، وتلك التابعة لحزب الإصلاح.
وفي النهاية، تمكّنت قوات الدفاع الشبوانية وقوات العمالقة من السيطرة على عتق، وطرد القوات الحكومية وقوات حزب الإصلاح خارج المدينة، وقاموا برفع علم الانفصال (دولة الجنوب المستقلة).
عضو مجلس الرئاسة، الذي يمثل حزب الإصلاح، قام بالرد على ذلك بتقديم استقالته من منصبه، لكن تم إقناعه بالتراجع عن الانسحاب من المجلس الرئاسي. وبعدها، طالب حزب الإصلاح بإقالة محافظ شبوة من منصبه.
بالرغم من أنه مازالت هناك مناوشات متفرّقة حول عتق، إلا أن القتال بصورة عامة قد انتهى. ويمكن القول إن حزب الإصلاح قد خسر شبوة، على الأقل في الوقت الحالي.
ولكن، مع كل هذا وبصورة أكبر فإن الخاسر الأكبر هو المجلس الرئاسي.
وفي حال لم يستطع هؤلاء الأعضاء الثمانية أن يتكلموا بصوت واحد أو يتمكنوا من تشكيل جبهة موحّدة ضد الحوثيين، فإن الحرب التي قامت للتخلّص من الحوثي قد انتهت بكل تأكيد.
يمكن للحوثيين أن يسترخوا الآن، ويستلقوا على ظهورهم، ويستمتعوا بفوائد ومكاسب الهدنة، ويراقبوا المجلس الرئاسي وهو يمزّق بعضه بعضا من نفسه، ومن داخله.
وفي النهاية، عندما يصفو الجو من الغبار، سيستطيع الحوثيون أن ينطلقوا، ويلتقطوا القطع المتناثرة أمامهم، وسيقضمون مأرب، وربما بعدها شبوة، وبهذا سينهون كل آمال المجلس الانتقالي بدولة الجنوب المستقلة.
ترجمة عبد القادر الجنيد - نقلا عن صفحته في فيسبوك
أضف تعليق