قراءة متأنية لمرثية بن حبتور في الفقيد علي يافعي، رحمه الله - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

قراءة متأنية لمرثية بن حبتور في الفقيد علي يافعي، رحمه الله

 

قراءة متأنية لمرثية بن حبتور في الفقيد علي يافعي، رحمه الله

الكاتب : محمد الجوهري

المصدر  :موقع الثورة نت 


أكتوبر 23, 2023م

 بروف/علي احمد يافعي في رحاب الخالدين.

لطالما كان بن حبتور برغم بعده جسدنا عنا لكن عقله وقلبه ووجدانه يظل متعلقا بنا وبتفاصيل كل ما يحدث لنا وبين ظهرانينا، وذلك هو ديدن الرجال العظماء الذين لا يعرفون التعامل بنفس مناطقي أو جهوي، بل يجسدون سلوكا وثقافة القبول بالأخر وحقه في شراكة وطنية ندية تضمن للمعارضين والخصوم حقهم في الخلاف والاختلاف في الروى والقناعات بكل أريحية ورحابة صدر، لا تعرف الحقد والبغضاء للقاصي والداني.

لم ولن يكن الفقيد الكبير بروف/علي احمد يافعي استثناء، في سلوك وثقافة صديقي دولة رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال بصنعاء ا.د.عبدالعزيز بن حبتور، رجل الوفاء المحب لكافة رفاقه – زملائه – أصدقائه وحتى معاريفه، فالموقف النبيل من وفاة أ.د. علي يافعي ليس سوى امتداد طبيعي لأخلاق الرجال الأفذاذ، فالفقيد يستحق ان يذكر كقامة أكاديمية ووطنية سامقة تمتلك سيرة عاطرة، ومسيرة كفاحية مشرفة وطنيا وأكاديميا وعمليا، فيها نصيب معتبر من التراجيديا جعلته يتبؤ موقعه بأريحية في قلب كوكبة النخبة اليمانية العتيدة.

بالعودة إلى صلب مضمون مرثية د.بن حبتور هذه، التي خص بها المرحوم د. علي احمد يافعي غفر الله له، الذي نراه وقد ذهب ببراعة الكاتب المتمكن في تصوير مشاهد درامية ساحبا لها من مخيلة فذة تمتلك إحاطة بتفاصيل كينونية الفقيد وتعدد علاقاته القوية بمحيطه العملي، كما هي كذلك بمجتمعه الذي أفنى حياته في خدمة أبنائه، ثم وجدناه وبمهنية كيف استرسل في سرده بالغوص في تفاصيل ذاتية ميزت الفقيد وأسرته الكريمة، مضيئا على الجوانب المشرقة التي تشكلت بضؤئها شخصيته ووصمت حياة الفقيد بٱلق، لا بل انه وسع دائرة الإضاءة لتشمل اخوانه وأبنائهم وأبناء عمومته، مجبرا القارئ الكريم على توقير الفقيد الكبير وآل الوالي جميعا، وتلك شهامة تحسب للكاتب من دون أي شك.

بمدخل ابتكاري – استدراجي لصلب متن المرثية مكون من ثلاثة اسطر معلنا فيه بداية العلاقة بالفقيد يرحمه الله، ليلج متن المقال (المرثية) بيسر وسلاسة، موضحا كيف تعمقت علاقته بالفقيد طيب الله ثراه، شارحا لتفاصيل بنيوية مهمة استندت عليها تلك العلاقة بامتدادها في الزمالة المهنية والشراكة الوطنية في إدارة مؤسسات الدولة وشؤون المجتمع بالرغم من تباين الانتماءات السياسية لهما، مبينا بإنصاف قدراته القيادية و تأهيله العالي وانضباطيته الصارمة وهي بذاتها محددات حاكمة لجهة تحديد معدن الشريك وما يستحقه من تقيم منصف يستوجب معاملة تليق بمكانة الشريك كامل الندية، و واصل الكاتب مسترسلا مرة أخرى في حديث عن محكات عملية ومحطات مفصلية تختبر فيها معادن الرجال وملكاتها القيادية، موضحا ذلك من خلال تسطير ليوميات ووقائع وأحداث تشاركاها منفردين أو بمعية زملاء شكلوا معهما قوام عدد من الوفود الأكاديمية لعدد من الجامعات المرموقة عالميا، وكيف كان الفقيد يرحمه الله عند مستوى الثقة والأمانة المهنية عند المشورة وطلب الرأي منه، كما أود ان انوه بأن هناك تفاصيل أخرى أحيل القارئ الكريم، الى نص المرثية للوقوف عليها.

في الجزء الأخير من متن المرثية استمر د.بن حبتور كذلك في الحديث عن مناقبية الراحل الكبير المتعدد، ولكن مع إضافة جملة من الاستحقاقات والتي تفترض قدراً من العرفان والوفاء، ينهض بهما أفراد أسرته واخوانه ومحبوه لكتابة وتوثيق سيرة ومسيرة حياته الحافلة بالعطاء الإبداعي والجهد والعمل الإنساني الذي افنى عليهم حياته، ولم يفت الكاتب كذلك الإشارة الى ضرورة ان أبحاثه وكتابه المنهجي الاكاديمي الطبي (الكتاب الجامعي) الذي حدثه عنه الفقيد (الكاتب)، مخاطبا كافة المعنيين بأمر ذلك التوثيق حيث انهم يعرفون انفسهم وما يتوجب عليهم القيام به من عمل يخلد تاريخ المرحوم كقامة يجب ان تنصف، ويحفظ ذلك التوثيق في (ذاكرة جامعة عدن).

أما خاتمة المرثية احتوت على ثلاثة أجزاء: -

الأول: -

هو نوع من هاجس هوسي مغرم به الكاتب متجسد في عشقه واهتمامه بالتاريخ كسجل إنساني لا يجوز إهماله، والذي عبر عنه من خلال الحث على الاهتمام بذاكرة جامعة عدن ودورها في الحفاظ على كل ما انجزه منتسبوها لتفخر الأجيال القادمة بما قدمه المؤسسون الأوائل، مع العلم بان ذلك تقليد درجت عليه الجامعات العريقة ولسنا اقل منهم في شيء سوى فارق العمر الاكاديمي.

الثاني: -

دعاء حميمي ترحما علي الراحل الكبير، نسأل الله الاستجابة له.

الثالث: -

ٱيات من الذكر الحكيم كتبها الله في ميزان حسناتهما بتوفيق رضوانه.

ذلك كان مبلغ آحاطتي من القراءة المتأنية لمرثية بن حبتور في بن الوالي يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته.


الكاتب : محمد الجوهري

جامعة عدن.

المصدر  :موقع الثورة نت 



ليست هناك تعليقات