الذكرى السنوية ليوم الشهيد في اليمن “المعنى… الدلالات… القيمة الروحية” - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

الذكرى السنوية ليوم الشهيد في اليمن “المعنى… الدلالات… القيمة الروحية”

 

الذكرى السنوية ليوم الشهيد في اليمن “المعنى… الدلالات… القيمة الروحية”

 أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور



المصدر : صحيفة رأي اليوم اللندنية


تنظم مؤسسة رعاية أسر الشهداء في الجمهورية اليمنية احتفالات وفعاليات ومهرجانات خطابية حماسية تذكيرية بمناقب وأعمال الشهداء العظماء رحمة الله عليهم واسكنهم الجنة الواسعة.

وقد تم تدشين مثل تلك الفعاليات والمهرجانات باجتماع اللجنة العليا للاحتفالات في رئاسة مجلس الوزراء في الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر 2023م، وتم إقرار الموجهات العامة والبرامج الزمنية والمكانية لجميع الفعاليات ليوم الشهداء العظماء.

وقد قدم قائد الثورة اليمنية الحبيب/ عبدالملك بن بدرالدين الحوثي، بمناسبة يوم الشهيد، خطاباً شاملاً سياسياً وقومياً ودينياً وتربوياً مُلهماً للأمة كُلها من المحيط إلى الخليج، في يوم الثلاثاء 14 نوفمبر 2023م من جامع الشعب في العاصمة صنعاء، وكان خطاباً ضافياً حماسياً مهماً مليئاً بالعِبر والدروس، قدَّم الكلمة لحشد طاقات الأمة العربية الإسلامية لنجدة أهلنا في فلسطين وفي غزه على وجه الخصوص، ورفع ظُلم وهمجية ووحشية جيش الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي عن أهلنا في غزة المقاومة.

انتقد في خطابه بشدة ومسؤولية عالية تلك القرارات التي خرج بها المؤتمر العالي المستوى والشكلي النتائج للملوك والرؤساء من الدول الإسلامية والعربية وعددها 54 دولة، وأظهر في كلمته بأن تلك القرارات كانت هزيلة باهته وركيكة الحرف والمعنى وشبه ميتة، وأن مستوى القرارات الصادرة عن تلك القمة المنعقدة بالرياض عاصمة السعودية لا ترقى إلى مستوى مواقف دول في أمريكا الجنوبية وأوروبا وأفريقيا تجاه مؤازرتهم لأهلنا في فلسطين، والبيان الصادر عن مؤتمر هؤلاء الملوك والرؤساء والأمراء لا يساوي قيمة الحبر المكتوب بها، وكأنها صادرة عن مدرسة ابتدائية في قرية نائية في هذا العالم.

ووجَّه في خطابه التاريخي والهام جداً موقف الجمهورية اليمنية الشجاع من العدو الصهيوني الإسرائيلي وجيشه الغاشم، وقال لقد ضربنا وقصفنا الأرض المحتلة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وقد وصلت أسلحة اليمن العظيم إلى الأرض المحتلة واصابة اهدافها بدقة عالية، ونحن على استعداد وجهوزية عسكرية عالية لقصف السفن الإسرائيلية الصهيونية المارة والعابرة في البحر الأحمر وبحر العرب ومضيق باب المندب حينما تدلنا المعلومات عنها وبيانات تلك السفن الإسرائيلية، باعتبارها سفن مُعادية لعدو غاشم جبان، يقتل أهلنا العُزَّل في فلسطين المحتلة من الأطفال والنساء والشيوخ الذي بلغ اعداد الشهداء ازيد من 11000 شهيد وشهيدة من المواطنين العُزَّل ، وازيد من 23000 جريح وجريحة.

إن خطاب القائد الحبيب/ عبدالملك الحوثي حفظه الله، جاء بلسم جراح الأمة العربية والإسلامية، ومعالج قاطع لانهزام قادة الأمة من جاكرتا شرقاً وحتي آخر مسلم يركع لله على ضفاف المحيط الهادئ غرباً، إن حديث الحبيب القوي المسؤول هو عبارة عن قولٌ فصل ارتبط بعمل عظيم عسكري مقاوم شجاع، هذا الخطاب الذي تحتاجه الأمة المكلومة الغاضبة الجريحة من قادتها الضعفاء المفروضين عليها من قِبَل الصهيونية الأمريكية الأطلسية الغربية.

أما الاحتفال بذكرى الشهيد في اليمن فهي ذكرى عظيمة وعالية القيمة في دلالتها ومغزاها للأسباب الآتية:

أولاً: إن للشهيد منزلةً عظيمة وخالده عند الله جل جلاله، وهو من اقدس خلق الله تعالى، ولهذا فقد كرمه الله بمنزلة عظيمة لا تضاهيها منزلة لدى الآخرين، قال تعالى في محكم كتابه الكريم [وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ] سورة البقرة، آية: 154، يبقى هؤلاء الشهداء أحياء عند ربهم، خالدين خلود الدهر يعيشون إلى جانب الله سبحانه وتعالى، لكننا نحن الاحياء لا نشعر بذلك.

ثانياً: الاعتراف العظيم من الاحياء مِنَّا إن كانوا قادة أو مسؤولين أو مواطنين بعظمة العطاء الذي قدمه الشهيد، وهي روحه الطاهرة من أجل القِيم والمعاني العظيمة التي استشهد من أجلها، ذلك الشهيد العظيم الذي ستبقي ذكراه الخالدة عطره عالية طاهر تعانق عنان السماء.

ثالثاً: تقول الفكرة أن الشهداء هم الأكرمين مِنَّا لأنهم اعظم شريحة في المجتمع قَبِلَ طوعاً أن يفدي الأمة كُل الأمة والفكرة العظيمة للأوطان، قَبِلَ أن يفديها بروحه الطاهرة، وهذه التضحية السخية علينا نحن الاحياء أن نمجدها ونعليها باعتبارها فكرةً طاهرة عظيمة ومقدسة شريفه لا تضاهيها تضحية في الحياة على الاطلاق، وعلينا أن نُدرِّسها للأجيال القادمة لطهارة الفكرة وعلو وسمو مقامها.

رابعاً: من مِنَّا لا يطمع برحمة الله وبالبقاء إلى جانب جوار ربه العلي القدير، وينعم بصحبة الله جل جلاله، وهو الذي خلقنا ومَهَّد كُل شيءٍ في هذه الحياة كي نعمر ونحرث ونخلد ذكراه في الأرض والسماء.

خامساً: علينا أن نحمي أسر الشهداء في المحافظات الجنوبية والشمالية من كل محافظات الجمهورية اليمنية، نحميهم بالقوانين واللوائح الواضحة، من جور الزمان، وظُلم الإنسان، وجور المتسلطين والجشعين والمنتفعين الأنانيين من بني البشر الأشرار.

سادساً: كُل أسر الشهداء وابنائهم في المحافظات الجنوبية والشمالية من اليمن العظيم، يجب أن تضمن لهم القوانين المُقرة النافذة قانونياً على مجانية التعليم والدخل الأسري الثابت لصيانة كرامتهم الآدمية والإنسانية من ظُلم وجور الحياة القاسية.

سابعاً: ينبغي تفريغ فريق علمي تاريخي وبحثي لتوثيق ولجمع تُراث الشهداء وترتيبها، وطباعة الكتب والمجلدات عنهم، لكي تُدرَّس في المدارس والجامعات، كي تتعلم الاجيال معنى الشهادة والتضحية بالروح خدمةً للأوطان والدين الإسلامي الحنيف، ودفاعاً عن القيم الإنسانية النبيلة للإنسان.

الخلاصة:

قال الله تعالى في محكم كتابه العظيم، بسم الله الرحمن الرحيم [ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ] صدق الله العظيم، كل إنسان مِنَّا يموت ويفنى، وهي سنة الله في هذه الحياة، أما الاستثناء من هذه القاعدة كما تشير الآية الكريمة اعلاه، فإن الشهيد يبقى حياً خالداً يعيش إلى جوار ربه على مدى الدهر والأزمان، وهذه الحكمة الربانية هي اصطفاء للشهداء فحسب، إن الله على كل شيءٍ قدير.

﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾

 أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور

رئيس مجلس الوزراء – صنعاء – اليمن

المصدر : صحيفة رأي اليوم اللندنية


ليست هناك تعليقات