المطـار مُغلـق بأمــر التحـالـف! - مؤسسة دار إبن حبتور للعلوم و الثقافة و التوثيق الخيرية

المطـار مُغلـق بأمــر التحـالـف!

 

المطـار مُغلـق بأمــر التحـالـف!

المحامية أوسان سلطان ناجي

 


في حياتي المهنية، كثيراً ما صادفتني عبارة (مُغلق بأمر المحكمة)، ويقصد بها أن المحكمة المختصة أمرت بإغلاق عقار أو محل تجاري ما كإجراء قانوني إحترازي مؤقت أو لتنفيذ قرار قضائي نافذ وذلك بعد النظر في طلب يقدم من أحد أطراف الخصومة أو أصحاب الحق ويكون مُعزز بحيثيات وأدلة قانونية معينة تقنع المحكمة بإتخاذ قرار الإغلاق بموجب القانون.  


ولم يكن يخطر على بالي حينها، ولا في أسواء أحلامي، أن يأتي يوماً أرى فيه بلادي تمرُّ بهذا الإحتراب والتشظي، وأن يُغلق مطار أو ميناء أو منفذ حدودي أو طريق داخلي بأمر من "متنفذ خارجي" بحجم السعودية و الإمارات ، وليس بأمر المحكمة المختصة، يطلق عليه "قوات التحالف العربي" ، مُستمداً صلاحيته وسلطته على حماية دولية يطلق عليها "قرارات مجلس الأمن و البند السابع " سيء الصيت الشهير وليس من تشريعاتنا الوطنية النافذة!


لقد حدث هذا اليوم بالفعل، بل وطال أمده أياماً وشهوراً وسنيناً قاسيات طوال،  ولازلت أعاني وأعيش تبعاته بكل تفاصيله، كما يعاني غيري الملايين من المواطنين اليمنين والمقيمين والزائرين!  


تم إغلاق مطار صنعاء بأمر من التحالف العربي في حوالي السنة الثانية للحرب عام 2016م ، أي  منذ خمسة أعوام. ولايزال الإغلاق مستمراً في وجه الرحلات التجارية ويشمل ذلك حظر حركة نقل المسافرين العاديين من وإلى صنعاء. 

كان المبرر  محاربة "الإنقلابيين"  الحوثيين/ حركة أنصار الله وإستعادة السلطة منهم، وهو مبرر أثبت الواقع ومآلات الأمور ضعفه وعدم جدواه،  حيث تبين وثبت، وبتقارير دولية، أن الضرر الأكبر وقع على ملايين المدنيين الأبرياء " غير المنخرطين" في النزاعات وأعمال العنف، ولم يضر أو يؤثر  قرار إغلاق المطار  كثيراً  على سلطة الأمر الواقع في صنعاء "الحوثيين"!


إن "الإغلاق المُحكَم المُطبَق" كفعل بحد ذاته يعد مخالفة للقانون الإنساني الدولي المتعلق بحماية المدنيين في مناطق الحروب والنزاعات والذي يشمل حماية حقوقهم في التنقل والسفر بحرية من خلال توفير ممرات أمنة بين المدن الداخلية والعالم الخارجي وضمان تيسيرها وحمايتها وإن بإشراف دولي عند إقتضاء الضرورة، وهو مالم يتمكن التحالف من توفيره للمدنيين بصورة سلسة ومرضية وآمنة.  


وعليه لايجوز مطلقاً ، بموجب كل الأعراف والقوانين الوضعية المحلية والدولية وكذا الشرائع السماوية، أن يُعاقب شعب تعداده ملايين بخطيئة بعض المتحاربين من أبناءه! يُعاقب فقط لأن أقداره شاءت أن يكون متجذراً أو مستوطنا في جغرافيا معينة يحتدم نزاع عسكري وسياسي على السلطة فيها! 

بعبارة أخرى، لايجوز أن يعاقب "التحالف العربي" المواطنون والمقيمون بصنعاء وبقية المدن الشمالية "بجريرة الحوثيين" إن صح لي الوصف مجازاً! 

 

تأتي فاجعة وحادثة مقتل الشاب السنباني قبل أيام  وهو يسافر فرحا متنقلاً، حالماً وحاملاً حلم الوطن والشباب الذي تلاشى وسُحق معه على قارعة الطريق الوعرة الخطرة غير الأمنة، "طريق الأهوال والموت المُخَيّم" من عدن إلى صنعاء والعكس. لتحكي قصته المأساوية وتصرخ في وجه الضمير الإنساني المحلي والدولي، قصة معاناة ملايين اليمنيين المعرضين لنفس المخاطر والمأسي عند سفرهم وتنقلهم من وإلى عدن وصنعاء وغيرها من المدن اليمنية عبر طرقات بديلة خطرة غير نظامية للوصول إلى مطارات وموانيء ومنافذ العبور  للخارج!  


إن مطار صنعاء الدولي، بموقعه الجغرافي ومستوى تأهيله الحالي، قادر على توفير خدماته ليس لمسافري صنعاء فقط ، بل ولكل المسافرين القادمين من مختلف المناطق اليمنبة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً. وأن إستمرار إغلاقه  يعني  إستمرار معاناة لملايين المواطنين المدنيين، غير المنخرطين في الحرب، العالقين بين أتونها وتجاذبات أطرافها المتحاربة. 

 

إن السلام المرجو والمرتقب لحل الصراع في اليمن، لن يستقيم الحديث عنه مالم تستقم إجراءات أولية بديهية وتنفذ تصرفات عاجلة تمهد الطريق لتحقيقه، ويشمل ذلك إعلان فوري، ولدواعي إنسانية محضة ومن منطلق حُسن النوايا، عن فتح مطار صنعاء أمام الملاحة الداخلية والدولية لنقل الركاب والرحلات التجارية، ولايشك عاقل بقدرة الأطراف المتفاوضة في إيجاد وسيلة/ آلية قابلة للتطبيق فيما يتعلق بضمان سلامة التنفيذ.


فليصحح الواقع وليكن العنوان "المطار مفتوح بطلب من الشعب"!


أضم صوتي لملايين المتضررين والمناشدين.....أفتحوا مطار صنعاء!


المصدر : عدن الغد


ليست هناك تعليقات